الأراجوز شخصية كاريكاتيرية، استمتعنا بها قديمًا فى الأحياء الشعبية فى القاهرة والمدن الكبرى، وانتقلت إلى القرى والنجوع. اتسمت شخصية الأراجوز بالهزل والضحك والمسخرة، فمن خلال الصوت وحركات اليد والجسد، أضحك الأراجوز الملايين من أبناء الوطن.
مع التطور الكبير الذى حدث فى عالم اليوم، ولا سيما مع بروز القنوات الفضائية الخاصة، انتقلت شخصية الأراجوز إلى بعض تلك القنوات التليفزيونية، وتسابقت بعض الفضائيات (فى ظل المهزلة الإعلامية التى صاحبت يناير 2011، حتى أصبحت الحرية هى قرين الفوضى) للتعامل مع ظاهرة الأراجوز، ليس فقط كضيف، بل كمذيع ومقدم برامج أحيانًا، وذلك لسببين الأول أنه يجلب الإعلانات لتلك القنوات المفلسة، فالأراجوز يثير ضحك وسخرية المشاهدين، ومن ثم فإن القناة تكسب ساعات كثيرة من المشاهدة يمكن معرفتها بسهولة عبر الإنترنيت، ما يجعل الكثيرين من منتجى السلع يسيل لعابهم للتسابق للإعلان فى تلك القنوات، خاصة وقت طلعته البهية. والسبب الثانى أن توجهات الأراجوز تسير ضمن توجهات ملاك القناة، وأحيانا المذيع (حالما يكون الأراجوز ضيفًا) الذى يتظاهر أنه ممتعض من أسلوب الأراجوز، وإن كان المشاهد يشعر أن المذيع فى داخله يرقص على أنغام قاذورات وسباب الأراجوز وترويعه وإخافته للناس.
المشكلة الآن أن المشاهدين تبينوا أن الأراجوز له ابن، وربما تظهر له زوجة كعمر الشريف فى الأراجوز، وأن ابنه لا يقل أدبًا عنه. وبعد فحص وبحث مضنٍ اكتشف المشاهدون منذ عدة أسابيع أن الأراجوز الصغير له باع طويل هو الآخر فى سباب الناس، فالسى دى الخاص بتجربة الأراجوز الابن يرددها الكثيرون.
والأغرب من كل ذلك، ونحن على أعتاب البرلمان، أن الأراجوز والعائلة كلهم أمل فى عضوية البرلمان، يومها سنجد العالم يضحك علينا، فالسباب وإخافة الناس والسعار سيتسع، والجميع ملتحف بالحصانة.
المأساة كل المأساة الآن أن موضوع الأراجوز أصبح ماسخًا، ففى ظل غياب دولة القانون، وعدم رغبة النظام السياسى الذى يحكمنا الآن فى المساس بالإعلام، خشية أن يصرخ أنصار الفوضى الإعلامية، متذرعين بحرية الرأى والتعبير- فى ظل كل ذلك أصبح من المستحيل ترك الأراجوز يعيث فسادًا. إن لسان حال المشاهد يقول نحن لم نعد نطيق صبرًا على الأراجوز، لن نستعين فى كل مرة بسيادة اللواء الذى يجبر الأراجوز على الاعتذار. نريد تطبيق القانون، لا نريد استثناء أو تدخلا، وإلا سنكون أمام تطبيق القانون حسب الأهواء.
طبعًا كاتب هذه السطور سيناله قريبًا سباب من الأراجوز، وبالتأكيد سيخرج الأراجوز بعد الاستعانة بالفضائيات الممسوخة، بافتكاسات تنال منه ومن مركزه العلمى الذى يعمل فيه، والذى تأسس بالأهرام قبل أن يولد هو كأراجوز. ولكن لا ضير، فالكاتب هنا لا ينتظر منصبا، ولا يخشى بأس سادة.