x

سمير عمر صفاقة الأغا المخادع.. وحماقة الطواشية المغفلين سمير عمر الخميس 05-11-2015 21:31


فأما الأغا فهو لقب تركى بمعنى الكبير أو الرئيس وقد اشتهر مصحوبا بدار السعادة، وهى تشير إلى أجنحة الحريم وسيدات القصر فيصبح اللقب مركبا: «أغا دار السعادة» أى كبير خدم أجنحة الحريم، وقد تعاظم نفوذ «أغوات دار السعادة» فى الدولة العثمانية حتى بلغ حد التأثير فى السياسة وشؤون القصر وصعود وهبوط السلاطين الأتراك.

وأما الطواشية فهم رجال من العبيد كان يقطع لهم عضو الذكورة فى طفولتهم بغرض تشغيلهم فى أجنحة الحريم دون خوف من فتنة أو إثارة لشهوة.

وأما الأغا المخادع فهو هذا القابع على سدة الحكم فى تركيا، وأما الطواشية المغفلون فهم من يأكلون صاغرين على موائده ويهتفون باسمه ويؤيدون سياساته.

هل فى تلك المقدمة استدعاء جائر لحالة تاريخية لم تعد قائمة؟

بالطبع لا، ففى عام ألفين وتسعة وفى مؤتمر لنواب حزب العدالة والتنمية الفائز لتوه فى الانتخابات البرلمانية التركية قال وزير الخارجية آنذاك رئيس الحزب حاليا أحمد داوو أغلو:

إن لدينا ميراثا آل إلينا من الدولة العثمانية إنهم يقولون «هم العثمانيون الجدد» نعم نحن العثمانيون الجدد.

وطبعا ثقافة الأغاوات والطواشية هى ضمن ميراث العثمانيين، أليس كذلك؟!

والأدلة على خداع الأغا كثيرة والمؤشرات على غفلة الطواشية لا تحصى والخديعة الكبرى التى روج لها الأغا التركى وروج لها الطواشية المغفلون هى عداء تركيا تحت حكم حزبه لإسرائيل، ولبيان حقيقة هذه الخدعة يمكننا التذكير بحزمة من المواقف..

فالعلاقات التركية الإسرائيلية تاريخية واستراتيجية، وقد تعمقت تلك العلاقات فى عهد «الأغا أردوغان» سواء كان رئيسا أو رئيسا للوزراء، فعلى سبيل المثال فى الثانى من نوفمبر «ذكرى صدور وعد بلفور الذى منح اليهود الحق فى فلسطين»، عام ألفين وسبعة زار الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز تركيا وعقد مباحثات مهمة مع الرئيس التركى آنذاك عبد الله جول الذى دعاه لإلقاء خطاب فى البرلمان التركى، وكانت هى المرة الأولى التى يدعى فيها رئيس إسرائيلى لإلقاء خطاب فى برلمان دولة ذات أغلبية مسلمة، بل تحت قيادة حزب ذى جذور إسلامية، ويكفى المرء ضغطة زر بسيطة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر ليشاهد الصور التى تجمع بيريز والأغوات، وفى مجال التعاون الاقتصادى، ووفقا لاتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل وتركيا بلغ متوسط التبادل التجارى السنوى بين تركيا وإسرائيل فى سنوات حكم أغاوات العدالة والتنمية مليارين ونصف مليار دولار، كما تمثل السياحة الإسرائيلية لتركيا فى ذات السنوات رافدا مهما من روافد الدخل فى تركيا، ولم تتأثر هذه العلاقات حتى فى سنوات برودة العلاقات المصطنعة على خلفية حادثة السفينة مرمرة، وحين عادت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى طبيعتها علانية صعدت مؤشرات العلاقات الاقتصادية لأكثر من ذلك.

أما التعاون العسكرى الضارب بجذوره فى أعماق المؤسسة العسكرية فى تركيا فلم يختلف فى عهد أغاوات العدالة والتنمية، بل تصاعد رغم التلاسن الشكلى الذى كان يقوده الأغا أردوغان بين البلدين، إذ إن هناك ستة عشر اتفاقا عسكريا بين أنقره وتل أبيب وقع بعضها فى عهد أغاوات حزب الرفاه الإسلامى الذى خرج من عباءته حزب العدالة والتنمية، وفى ذات الطريق سارت حكومات أغاوات العدالة والتنمية.

وبينما كانت العلاقات تتعمق وتتجذر بين إرهابيى تل أبيب وأغاوات أنقره كان الأغا أردوغان يخدع الطواشية، ويصور نفسه معاديا لإسرائيل وداعما لمن يسميهم مقاومة، وكأن دعم المقاومة والعداء لإسرائيل فى العلن لا يتعارض مع استمرار العلاقة الاستراتيجية مع أصدقائه فى تل أبيب، وصدق الطواشية وهللوا للأغا المخادع.

وأما الخديعة الثانية فهى انحياز الأغا للديمقراطية وحرية الرأى والتعبير ووقوفه خلف الشرعية!!

وهنا حدث ولا حرج، ويكفيك الضغط على محرك البحث جوجل عن تدهور الحريات فى تركيا تحت قيادة الأغا أردوغان وحزبه لتكتشف أن صحفا قد أغلقت وقنوات فضائية سودت شاشاتها، ومواقع إلكترونية حرم الأتراك من التواصل من خلالها، ومظاهرات قمعت وناشطين راحوا ورا الشمس.

وتكتشف عدد الصحفيين الذين اعتقلوا أو تعرضوا للضرب والإهانة على يد أتباعه من الطواشية المحليين، وتكتشف كيف أغلقت تحقيقات الفساد وتعرض رجال الهيئة القضائية للضغوط، وبلغ حجم التدخل فى أعمال السلطة القضائية أبعد مدى. وطبعا الطواشية لا يرون ذلك وإن رأوه أيدوه وصفقوا للأغا وأتباعه.

وأما الخديعة الثالثة فهى دفاع الأغا أردوغان عن الإسلام باعتباره كبير أغاوات حزب ذى جذور إسلامية، وهنا نذكر بما قاله وأكد عليه غير مرة الأغا أردوغان، وكان أبرزها فى الثلاثين من يوليو عام ألفين وثمانية حين حكمت المحكمة الدستورية فى تركيا برفضها بأغلبية ضئيلة دعوى بإغلاق حزب العدالة والتنمية بتهمة «أنه يقود البلاد بعيدا عن نظامها العلمانى نحو أسلمة المجتمع»، ساعتها قالها الأغا أردوغان، وكان رئيسا لحكومة أغاوات العدالة والتنمية «إن حزبنا سيواصل السير على طريق حماية القيم الجمهورية ومن بينها العلمانية»، وبالطبع فالأمر لا يحتاج لعظيم جهد لنكتشف حقيقة علاقة تركيا فى عهد أغاوات العدالة والتنمية بالإسلام وعلاقتها بالحرية الجنسية والمثلية، وذلك رغم قنابل الدخان التى يطلقها بين الحين والآخر عن الحجاب والمظهر الإسلامى،

وطبعا الطواشية الراغبون فى استمرار الدعم ومواصلة الأكل على موائد الأغا يمسكون فى المظهر الزائف ويشوشون على الجوهر الخفى.

والواقع أن الأدلة على خداع الأغا وغفلة الطواشية أكثر من أن يحصيها هذا المقال، غير أن الذكرى تنفع المؤمنين، وهؤلاء ليس من بينهم أغاوات ولا طواشية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية