x

ريـال مدريد 1-0 باريس سان جيرمان: لعنة بينيتيز

الأربعاء 04-11-2015 17:20 | كتب: لؤي فوزي |
مباراة باريس سان جيرمان وريال مدريد مباراة باريس سان جيرمان وريال مدريد تصوير : وكالات

ضلّ المنطق طريقه لقمة اليوم الأول من الجولة الرابعة لدور المجموعات بدوري الأبطال، بعد أن أحرز ناتشو فيرنانديز البديل هدف الفوز الوحيد لريـال مدريد على ضيفه باريس سان جيرمان بتسديدة طائشة، أخرج بمقتضاها المدافع الأسباني الشاب لسانه للجميع بما فيهم رئيسي الناديين في المدرجات، بعد أن نجح فيما فشل فيه ما قيمته مليار يورو من الجواهر الملقاة على عشب البرنابيو.


بالطبع ليس من العدل تجاهل الغيابات عن الفريقين، فباريس الذي إنحصر لعبه على الأطراف كان في أمس الحاجة لرقم 10 الوحيد الذي تضمه تشكيلته خافيير باستوري، بينما تكفل غياب جيمس، بيل وبنزيما بنزع السرعة والمباشرة في التحضير من ثلث الريـال الأمامي.

«الليلة ستبدأ أيام الريـال الجميلة في هذا الموسم، وستبدأ بتحقيق الفوز على فريق كبير.» – رافا بينيتيز.

مع إنطلاق صافرة البداية بدا وأن شيئًا ليس على ما يرام في طريقة لعب الميرينجي، عَمِد رافا أو «البيج بين» كما يطلق عليه في إنجلترا إلى تطبيق الضغط العالي المتقدم على دفاع باريس وخط وسطه، عكس مباراة الذهاب التي شهدت إنكماش الريـال في وسط ملعبه مكتفيًا بالمرتدات، وكأن بينيتيز أراد استغلال غياب ماركينيوس في الضغط على ديفيد لويز أملاً في أن تمنحه إحدى هداياه هدفًا مبكرًا يجبر بطل فرنسا على الإندفاع للتعادل، ليتمكن من تكرار خطة مباراة الذهاب مرة أخرى، والتي لم تكن تحتاج إلا لقليل من التوفيق لتؤتي ثمارها.

بندول البيج بين

نظرية المدرب الأسباني بدت واقعية على الورق، ولكنها لم تكن لتنجح ولو إستمرت المباراة لأسبوع كامل، الفجوة بين النظرية والتطبيق كانت توني كروس، البيج بين دفع بصانع ألعاب بايرن السابق في مركز بدا وكأنه التسعة الوهمي (False Nine)، والأوقع أن رافا أراد إبتكار حل لغياب بنزيما والذي يؤثر بلا شك على طريقة عمل الخط الأمامي، بإضافة صانع لعب متقدم بإمكانه إلتقاط الكرات المرتدة (Second Ball) وإستغلال حساسية قدمه في إعادة توجيهها كتسديدات مباشرة أو بينيات ذكية للثلاثي المتحرك إيسكو، خيسي ورونالدو.

لكن كروس عجز عن إجابة سؤال بينيتيز، فبالإضافة لأنه لم يتلق التمويل الكافي، فهو في الأساس لا يمتلك موهبة بنزيما في التحرك بين الخطوط التقليدية لدفاعات الخصم، الألماني الشاب إعتاد على العمل كرقم 6، ويؤدي بشكل أفضل عندما يستحوذ فريقه بطبيعة الحال، كونه لا يمتلك السرعة الكافية لمجاراة مباراة مفتوحة تنتقل فيها الكرة بسرعة بطول الملعب بين الفريقين، وبدا كروس مشغولًا بالإجابة على سؤال آخر غير الذي طرحه البيج بين..هل هو صانع لعب؟ أم لاعب وسط؟ أم مهاجم وهمي؟ مرت تسعون دقيقة دون أن يعلم كروس، وربما دون أن يعلم بينيتيز هو الآخر.

وكانت هذه خريطة تمريرات كروس خلال اللقاء


كروس لم يتمكن سوى من صناعة فرصة واحدة غير خطرة في ظل تمريرات عرضية بلا فائدة في الأغلب.

زوبعة رابيو
خروج فيراتي مصابًا (دقيقة 17) لم يترك أمام بلان سوى إشراك رابيو البديل الوحيد المؤهل، الفرنسي الشاب لم يحتج لوقت طويل حتى يقتحم أجواء المباراة ببينية لدي ماريا الذي راوغ ومكّن أورييه من إرسال عرضيته الأولى لماتويدي الذي فشل في إيداعها المرمى رغم غياب الرقابة.

تسديدتان لرابيو ومثلهما لإبراهيموفيتش أشعلتا فتيل بطل فرنسا، وبدأ رد فعل الضيوف في ضغط واضح على الميرينجي حتى نهاية الشوط أسفر عن عدة فرص خطيرة وتسيد الباريسيون المباراة طولاً وعرضًا بالتزامن مع تراجع دفاعي كبير قلما تشاهده في مباريات البلانكو.

خمسة ملايين باوند
مارسيلو يصاب بتمزق بعد تصديه لعدة هجمات سريعة متتالية من الجبهة الأقوى للفرنسيين التي يشغلها دي ماريا وأورييه، يخرج الظهير البرازيلي ليشترك ناتشو ويستغل تسديدة مرتدة لكروس خرج كيفن تراب حارس باريس للقائها بسذاجة، ليودعها البديل الشاب المرمى دون قصد على الأغلب، هدف التقدم لم يمنع دي ماريا من قيادة مرتدة أخرى من الجهة اليمنى، تخلص من ناتشو ثم وضع كافاني في مواجهة المرمى بتمريرة سحرية فشل المهاجم الأوروجواياني في ترجمتها لهدف، المفارقة أن قيمة كافاني كما قدرها باريس هي 50 مليون جنيه إسترليني أي ما يعادل عشرة أضعاف قيمة بديل الميرينجي الشاب الذي أحرز هدف المباراة الوحيد، والمفارقة مغرية للإسترسال في حديث مبتذل عن إنتصار الأشبال على الأموال، ولكن الواقع أن تجاهل قيمة المال في اللعبة لم يعد واقعيًا ولا حتى رومانسيًا، والمشكلة هنا ليست أن باريس أنفق 50 مليون جنيه إسترليني لإنتزاع كافاني من باليرمو، بل أنه أنفقها ليشركه كجناح، وكأنك إبتعت طائرة خاصة للذهاب لمحل البقالة، والنتيجة أن كافاني يقضى أفضل سنوات نضجه الكروي في زقاق مظلم بينما إمكانياته تؤهله لإحتلال الشارع الرئيسي في أكبر أندية أوروبا، كرة القدم لا تعرف المنطق وكذلك ملاك باريس ومديره الفني.

لعنة بينيتيز
منذ تسع سنوات إتهم خورخي فالدانو المدير الرياضي الأسطوري للميرينجي آنذاك كل من مورينيو وبينيتيز بقتل متعة اللعبة، عقب مواجهة الثنائي في نصف نهائي دوري الأبطال للعام 2007، والتي قدما فيها مباراة «معتمدة على الجانب البدني والتكتيكي فقط لا غير» على حد وصف فالدانو، وعلل تصريحاته بأن المدربين– رغم إجتهادهما- لم يتمكنا من النجاح كلاعبي كرة قدم لإفتقارهما الموهبة اللازمة، لذا يسعى كل منهما – طبقًا لفالدانو – أن يكون المدرب الذي تمنى الحصول عليه كلاعب، وكأنهما ينتقمان من الموهوبين والأسماء الكبيرة التي حرمتهما من النجاح كلاعبين، وفي طريقهما لذلك قتلا متعة اللعبة بإعتمادهما في الأغلب الأعم على المغمورين المتحمسين لتنفيذ التعليمات أيًا كانت مقابل المشاركة على حساب المبدعين وفناني اللعبة.

ربما يكون الوقت مبكرًا للجزم بنوايا بينيتيز مع الريـال، فالرجل تمكن من تمرير فترة الغيابات دون خسارة أي نقاط بحلول ذكية وإقتصادية إن جاز التعبير، وحقق الفوز في الوقت الذي كان سيكتفي فيه أي من الأسماء اللامعة بخسارة النقاط والشكوى من الظروف والإصابات والأمطار والطقس، ولكن هناك إحتمال لا بأس به أن تكون رياح الإصابات قد أتت بما يشتهيه البيج بين، ومنحته فرصة لحجز مساحة أكبر لنفسه على حساب جواهر الجالاكتيكوس، فإبقاء جيمس على مقاعد البدلاء اليوم دون إشراكه كبديل حتى لم يكن مفهوماً خاصة في ظل عجز الريـال عن صناعة اللعب وإمتلاك الكرة، إشتراك الكولومبي كان سيعيد كروس لمكانه الطبيعي ويساعد الريـال على إسترداد السيطرة أو إقتسامها مع باريس في أقل التقديرات، ورغم التهديدات المتتالية أصر رافا على إنهاء المباراة بهذا الشكل، وكأنه أراد إثبات أن بإمكانه الفوز على باريس بدون أبرز نجومه، لا شيء أكره على الجماهير من تدليل النجوم، ولا شيء أضر على الفريق من مدرب يريد إختزاله في شخصه.

تناقضات بالجملة
بين مدافع بديل أحرز الهدف الوحيد، ومهاجم سابق فقد ذاكرته، صنع نجمي الفريقين اللقطة الأبرز في المباراة، فبعد حديثه المستهجن قبل المباراة عن إمكانية توقيعه لباريس في المستقبل، بدا رونالدو وكأنه أراد إتمام التعاقد بين الشوطين، في ظل ضعف التمويل من خط وسطه وفقر الفرص التي أتيحت له، بينما شبح دي ماريا في مباراة الذهاب في حديقة الأمراء، دبت فيه الروح في سانتياجو برنابيو وقدم أفضل مبارياته مع فريق العاصمة، خاصة مع دخوله للعمق في الشوط الثاني، الموقع الذي تمكن من خلاله من إهداء الميرينجي أغلب ألقاب موسم الوداع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية