x

الإعلام والسيسي: خطوة لليسار يرفضها الرئيس (تقرير)

الإثنين 02-11-2015 04:48 | كتب: رضا غُنيم |
صورة أرشيفية صورة أرشيفية تصوير : آخرون

«أنتوا بتعذبوني هنا ولا إيه؟، الدولة هتضيع، إحنا بالطريقة دي بننشر جهل ومش بننشر وعي حقيقي»، بتلك الكلمات عبّر الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن غضبه من انتقاده في الإعلام، بعد «غرق الإسكندرية» الأسبوع الماضي.

ووجّه السيسي، اللوم لأحد الإعلاميين، لم يسمه، خلال كلمة ألقاها بندوة تثقيفية نظمتها القوات المسلحة، الأحد: «أحد الإعلاميين يقول عني (الرئيس قاعد مع سيمنز وسايب الإسكندرية) ميصحش كده، إحنا بنتجاوز في كل حاجة، إيه الشغل ده؟».

وأضاف: «مش بتقولوا كل حاجة فيها كارثة هو القطاع ده (قطاع الإعلام) مفيهوش كارثة ولا إيه؟، خلوا بالكم إوعوا تخلوا الناس تفقد الأمل».

وزادت في الآونة الأخيرة، وتحديدًا عقب فشل الإعلام في الحشد للانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر الشهر الماضي، نبرة الانتقادات الموجّهة للسيسي، إذ اتخذ الإعلاميون المؤيدون للنظام الحالي خطوة نحو اليسار، وحمّلوا الرئيس مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بعد فترة طويله وضع الإعلام فيها «ميثاق شرف يحمل عنوان السيسي خط أحمر»، إلا أن تلك الخطوة أغضبت السيسي، وتحدث عنها، واعتبر أن ما يحدث «تجاوز في حقه».

«المصري اليوم» ترصد في التقرير التالي 3 مراحل في علاقة السيسي بالإعلام.

الإعلام بعد «30 يونيو».. السيسي رئيسي

بعد أشهر قليلة من الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي، أعلن السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع، أنه لن يترشح للرئاسة، وأنه لا يرغب في أن يكون رئيسًا لمصر، ويكفيه الانحياز للملايين التي تظاهرت لإسقاط «حكم جماعة كانت تحاول اختطاف الوطن».

لكن الإعلام لم يتعامل مع تصريحات السيسي برفض ترشحه على أنه «قرار نهائي»، وبدأ الإعلام متمثلًا في مقدمي برامج الـ«تو شو» بينهم أحمد موسى، ومحمد الغيطي، ولميس الحديدي، في تمهيد الطريق لترشح قائد الجيش، واستضافت الفضائيات الحكومية والخاصة سياسيين وفنانين ورياضيين، يروّجون للسيسي باعتباره «المرشح الأوفر حظًا حال خوضه الانتخابات»، في وقت عارض بعض الكُتاب والسياسيين الفكرة، باعتباره أن ترشحه يعني أن ما جرى بعد 30 يونيو «انقلاب عسكري».

وقبل أيام من إعلان السيسي ترشحه، تحدث بعض الإعلاميين والسياسيين بينهم مصطفى بكري، وأحمد موسى، عن أن «المشير» اتخذ قراره بالترشح، وأنه يجرى وضع الترتيبات النهائية في وزارة الدفاع.

ودعا الإعلامي أحمد موسى، الشعب المصري للتظاهر من أجل مطالبة السيسي بالترشح للرئاسة، وزاد الكاتب الصحفي خالد صلاح على حديث «موسى» بتأكيده أن «مصر قادمة على مآزق خطير إن لم يترشح السيسي».

واعتبر «صلاح»، أنه «على الرغم من توافر شخصيات عديدة على الساحة المصرية مؤهلة لإدارة شؤون البلاد، فإن الظروف الأمنية والتداعيات السياسية الأخيرة تجعل من الضروري أن يصبح السيسي رئيسًا للجمهورية».

ووافقه الرأي الكاتب الصحفي مصطفى بكري، حينما قال: «القوى المدنية لن تتفق على شخص في غياب السيسي، والأصوات ستذهب لعبد المنعم أبو الفتوح، لذلك يجب على السيسي الترشح».

وأجرت الفضائيات مقابلات مع فنانين ورياضيين وسياسيين لدعم ترشح السيسي، تتضمنت سؤالًا أساسيًا: «هل تؤيّد ترشح السيسي؟».

وحينما شهدت الانتخابات الرئاسية التي يُنافس فيها السيسي، مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، إقبالًا ضعيفًا من المواطنين، شن الإعلام حربًا على الشعب، مصطفى بكري حذر الشعب من الوصول إلى الحالة السورية أو الليبية حال عدم حصول السيسي على عدد الأصوات الكافي.

ولعبت الإعلامية لميس الحديدي، على «وتر الطائفية»، وذكّرت المسيحيين بالكنائس المحروقة و«ظلمهم من قبل الإخوان»، للمشاركة في الانتخابات.

السيسي في السلطة.. انتقاده «خط أحمر»

صعد السيسي إلى السلطة بأغلبية ساحقة، طالب الإعلام بالوقوف جانبه، أراد أن يُعيد عصر الصوت الواحد، قال «يا بخت عبد الناصر بإعلامه»، التقى مجموعة كبيرة من الإعلاميين أكثر من مرة دون أي مناسبة، تحفظ على بعض الآراء، وانتقد طريقة تناول البرامج لبعض القضايا، في المقابل، كان الإعلام «سمعًا وطاعة»، حمّل الحكومة مسؤولية كل شيء، وابتعد عن توجيه النقد للرئيس.

فعلى سبيل المثال، تجاهل الإعلام انتقاد السيسي في حادث مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، وألقى باللوم على وزارة الداخلية، وقال الإعلامي يوسف الحسيني، المؤيد للرئيس: «المسيرة كانت سلمية بامتياز، والمطلوب هو التحقيق كدولة قانون، وتفعيل حقيقي للدستور بكافة بنوده».

كما انتقد الإعلام المؤيد للرئيس المحافظين والوزراء دون تحمّيل السيسي المسؤولية السياسية، في حوادث عدة، مثل تفحم 18 طالبًا بأحد أتوبيسات مدراس البحيرة، إذ اكتفى الإعلام بالهجوم على وزير التعليم.

واعترف بعض الإعلاميين بالتغاضي «عمدًا» عن انتقاد الرئيس، إذ قال الإعلامي خالد صلاح: «السيسي بيقول فيه قوى ممانعة، أي بتمنع تقدمنا، طيب أنت بقى فيه ناس بتمنع تقدمك، ومش راضي تصلح قوانين، ولا تديني معلومة، وبعدين مفيش رقابة برلمانية، والإعلام ساكت، بيقول نعديها بقى، إحنا مش عايزين نركز على السلبيات، طيب لحد امتى؟».

صحوة المريدين.. خطوة إلى اليسار

مع توالي الأزمات في عهد السيسي، اتخذ الإعلام المؤيد له خطوة نحو اليسار، بدأها الإعلامي إبراهيم عيسى، حينما انتقد الرئيس أكثر من مرة، إذ حمّله مسؤولية «مذبحة الدفاع الجوي» التي راح ضحيتها العشرات من رابطة جمهور الزمالك «وايت نايتس».

كما وصف أداءه بأنه «غير ديمقراطي»، وقال: «السيسي مُصر على استخدام تعبير إنتوا استدعتوني، وهذا لا يصلح بعد أن أصبح رئيسًا، وأداؤه ليس ديمقراطيًا».

وأضاف «من الآن فصاعدًا، لازم تدرك أن حالة التفويض والاستدعاء انتهت، أنت أصبحت رئيسًا بنسبة 97%، إنما كلامك يوحي بأنك جاي غصب عنك، والحالة دي في الشغل تختلف عن الحالة وأنت رئيس ديمقراطي».

وتابع: «أنت المفروض طول الوقت تحت الرقابة والمحاسبة من الشعب المصري، والبرلمان، إنما جملة مش إنتوا استدعتنوني وأدوني فرصة لا تتماشى مع الأداء الديمقراطي».

وكانت الانتخابات البرلمانية التي أجريت المرحلة الأولى منها «نقطة انطلاق الإعلام نحو اتخاذ الإعلام خطوة لليسار بشكل صريح»، وأرجع الإعلاميون ضعف الإقبال على الانتخابات إلى «تراجع شعبية الرئيس» لعدة أسباب منها زيادة الفقر، والبطالة، وظلم الشباب.

ووجّه المحامي خالد أبو بكر، رسالة للسيسي قائلًا: «الناس بتشتكي من ظلم، وأنت تعترف بذلك، وتقول إنك تحاول رفع هذا الظلم، لكن وأنت بتحاول، الناس بتجري وراء أبنائها في الحبس الاحتياطي»، وأيّدته الإعلامية رانيا بدوي، وأضافت أنه من الأسباب الأخرى «عدم وجود مشاريع قومية للفقراء».

وقالت «بدوي» موجهة حديثها للسيسي: «مفيش مشروعات للفقراء، كل المشروعات القومية نجيب ليها رجل أعمال إماراتي، رجل أعمال سعودي، أنت مش بتعمل حاجة للغلابة».

وأرجع الإعلامي عمرو أديب، سبب ضعف الإقبال على الانتخابات، إلى فشل السيسي في «لفت النظر الشباب وعدم احترامهم».

وقال «أديب»: «كان في 40 ألف شاب في استاد مختار التتش، كأنهم بيطلعوا لسانهم للدولة، فضلوا يهللوا لواحد ماشفهوش غير لأول مرة، قالك أنا لما أحب هاجي هاجي ولما أحب أمشي أمشي، يعني اللي هو أنا ممكن أروح لبيسيرو اللي مابعرفش أنطق اسمه، لكن ماروحش لبرلمان بلدي».

وأضاف: «عارف ده معناه إيه، يعني ده معناه أنك لم تنجح أن تلفت نظري لك، بطالة وعدم استغلال لقوتي وعدم احترام لوجودي».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية