x

نيوتن عندما كان الحبس حقاً لكل مواطن نيوتن الأحد 25-10-2015 21:17


أعتقد أن العامين اللذين تليا ٢٥ يناير ٢٠١١ يستحقان أن نطلق عليهما شعار أو وصف (الحبس حق لأى مواطن). كان يمكن خلالهما حبس أى أحد وكل أحد. تجاهل القانون والأخلاق فى الحقيقة كان نزولاً عن رغبة الشارع. بشكاوى تبدو جادة أحياناً. وكيدية فى معظم الأحيان. بدءاً من رئيس الدولة. مروراً بكل من كانت له صفة. كل ذلك يذكرنى بمدرجات الرومان. كلما قذفوا بإنسان ليكون طعاماً للأسود. هللت الجماهير فرحاً. يتعالى بعدها هتاف الجماهير طلباً لضحية جديدة.. كانت المشكلة/ المأساة كمنت فى عبارة واحدة: «من يقذف من»! كل من قذف بأحد، لو تغير الوضع- بمعنى أن المقذوف به تحول إلى قاذف- لهللت الجماهير بنفس الحماس. وبنفس الشماتة.

مبارك بدأ بقذف وزرائه. انتهينا بأن قذف به هو.

الغريب أن هناك متفرغين لكتابة الشكاوى.. يفرغون فيها حقد السنين. على كل من نال مالاً أو شهرة. على كل رئيس فى العمل. بل هناك متخصصون حققوا شهرة واسعة من خلال هذه البلاغات. حققوا شهرتهم على نفقة إسلام بحيرى. بل حققوا شهرة من خلال سما المصرى. تربصوا بكل برنامج ناجح. ذاع اسمهم. معظم الشكاوى كيدية يقدمها غالباً معدومو الضمير أو المتخلفون عقلياً أو أخلاقياً. بعضها كان بتحريض من جهات التحقيق ذاتها. تلبية لطلب الجماهير. القصد هنا هو البهدلة والمرمطة. وقد تصيب الشكوى أو تخيب. حتى إن خابت فقد نال ما نال من الحبس الاحتياطى. ضربت فيه سمعته وسمعة أهله فى مقتل. هذا يكفى. لنا أن نتخيل عدد الأشخاص أو الأسر الذين تم التنكيل بهم بمثل هذه الأساليب.

لو أن الرئيس عبدالناصر كان حياً لحوكم على إنشاء السد العالى. الرئيس السادات كانت ستكون تهمته إهدار المال العام فى حرب أكتوبر. وكان حبسه أرحم من قتله. قس على ذلك بدءاً من محمد على الذى لم يستشر جهاز المحاسبات فى استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة. ومد الترع. الخديو إسماعيل ستكون تهمته حفر قناة السويس. لاتهمناه أنه حفرها بالسخرة. سننسى أنه هو الذى ألغى السخرة بالتحكيم ضد ديليسبس. سننسى ونتجاهل كل هذا إلى أن تبرئه محكمة النقض.

آثار هذه الكارثة ستراها الآن فى أيادى المسؤولين المرتعشة. ستراها فى إحجامهم فى اتخاذ أى قرار. وما أدراك أن التاريخ لن يحاسب الرئيس السيسى بتهمة إهدار أموال الدولة فى قناة جديدة. السيسى يستند فى المرحلة الحالية إلى دعم شعبى قد لا يتوافر فى المستقبل.

الكل معرض للقضاء مهما كان النشاط. استزراع. تصنيع. تجارة أو استثمار.

أما التحول الجديد– إحقاقاً للحق– فهو توجيه للجهة الرقابية لتعمل لصالح المستثمر. هذه نفقة للهواء المنعش. حكاية الحبس عمال على بطال. وحكاية المنع من السفر. يجب أن تخضعا لضوابط صارمة. المأساة أن المتهم يحصل على البراءة فى معظم الأحيان. كان من الممكن تحديد إقامته. من الممكن الحصول على تعهد مكتوب بضمان المثول أمام القضاء وقت الحاجة. من الذى يعوض هذه الأسر التى تسولت. قد تكون انحرفت. قد تكون تشردت. من الذى يمكن أن يجزم بأن لديهم من المال ما يكفيهم خلال حبس عائلهم.

من الآخر ودون تجميل. مطلوب تفعيل نصوص القانون الذى تم وضعه عام ٢٠٠٦ بشأن بدائل الحبس الاحتياطى. خاصة بعدما بدا واضحاً ذلك التزاوج العرفى بين السياسة والقضاء.

هذا الزمن السابق يجب ألا يعود. يجب أن نخجل منه. أن ننساه. زمن لم يكن جميلا بالتأكيد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية