عجبى على هذه الأيام التى تنقلب فىها الأحداث أسرع من الخيال، ومع ذلك مصر بقيادتها القوية وبإصرار على معركة الوجود تنجح فى إعادة تموضع دبلوماسى فى الأمم المتحدة ومحاربة الاٍرهاب فى سيناء، وتشهد انتخابات البرلمان فى كل محافظات مصر، فجأة نتابع عجائب ونماذج وأشكالا وألوانا تخرج علينا فى الإعلام، ونحن نستنشق رائحة دخان تأتى بخبث شديد علينا من بعيد، ربما قد تكون لحريق إقليمى كامن تحت الرماد، أو بسبب طبخة سياسية دولية نضجت، وتكاد تحترق بعد أن تركت على نار التطرّف والإرهاب.
ويبقى دائما أمامك السؤال:
من سيفوز بنصيب (الأسد) هل هو الطرف الأقوى، أم من سيلتهم القطعة الكبرى؟ غالبا فى رأيى المتواضع هو لمن سيتحكم بذكاء، سيفرض القواعد للعب السياسى الجديد، فلن تستطيع الولايات المتحدة مواجهة الروس عسكريًا لعدة أسباب:
أهمها أن مبررات المواجهة القانونية مفقودة، حيث لا يوجد قرار من مجلس الأمن، وهذا قطعا يجعل الأداء أكثر صعوبة، فلا حرب عالمية بالشكل المعروف، ولا استقرار واضحا. وبهدوء، فالأزمة تأتى فى وقت صعب لم تترك فيه أمريكا بسياستها المتخبطة مساحة إيجابية كافية لدى أحد من حلفائها ليدافعوا عنها حتى عند حليفتها إسرائيل!! وبالتالى لن تجد من يقدر أو يحترم إرادتها حتى من قبل خصومها أو من دول الخليج أو حتى إن كان القيصر بوتين! فالحكومة الأكثر قربا لأمريكا وهى المفروض تكون الحكومة العراقية على سبيل المثال لم تعد ترتعد من واشنطن! حقا المشهد غريب!! ويبشر بأن هناك من يبحث عن آليات وأدوات تسمح بتصعيد سياسى أو عسكرى قادم فقط سيكون لتقسيم الكعكة، وليس للكلام عن الحرب الطويلة من جديد. للأسف أمام كل ذلك نحن متخوفون ومتخاذلون لأنه ربما بداخلنا تنظيم آخر غريب من السياسيين والإعلاميين يحارب وينتقد!! ويعيد أخطاء، ويفرض أكاذيب للتشكيك والتفريق، منهم قطعا وأولهم من هم على طاولة الأستاذ الذى يساهم فى الترويج ليعيد وراءه هذا الفريق من الكورال- إنشاد لحن الإحباط الجديد، نعم نحن من نعرف يا أستاذ أن مشاكل مصر كثيرة ولكن كان وما زال يعلم بها جيدا سيادة الرئيس!! نعم الأزمات السياسية والدولية ضاغطة ولكن لا يهم نحن من نحمل الخبرة وأدينا الأمانة على أحسن وجه فى حماية هذا الوطن.
تعدينا الصعاب.. واستعدنا الأرض.. والقرار.. دون أن نستعين مثل غيرنا بمستشارين عسكريين.. أو بجيش من الروس.. والأمريكان ولا لميليشيات إيران.. نعم نحن من نقف على أكبر حدود لإسرائيل فهى العدو الأبدى والقديم.. ولكن لا تجرؤ على تخطى خطوة من الحدود المصرية لا فى الأرض ولا فى السماء لأنها ستردع أكيد، نشاهد ليبيا فى فوضى عارمة، ولكن مصر تقوم باستثمار والبناء فى الشمال.. وهناك أمن شرطة وجيش يقف أمام التخطيط والتوسع للإرهاب.. فلا تحلم أن تدخل لتهدد لأن كلنا من أجل الوطن مشروع شهيد!! ما زلت أيها الأستاذ تهاجم بشكل مباشر مرة ومبطن بين السطور مرات.. تنتقد وتنصح كل مرة فى شكل العراب لنستعيد من وجهة نظرك مصر ودورها كدولة محورية فى المنطقة!! نأسف فهذا لن يفيد لأنه وضع قائم، فنحن يا أستاذ استعدنا الدولة والقدرة لنفرض على العالم أمرا واقعا مصريا جديدا، وانفتحنا على العالم بعلاقات ١٧٩ دولة تواصلا واحتراما وتصويتا وبما نملك من أوراق إقليمية شرق أوسطية أفريقية وبعلاقتنا العربية والدولية وليس بالهرولة فقط! على إيران! أو تركيا! كما تطلب بشكل مبطن كل مرة فهذه ليست أولوية!! فهذا تحدده مصالحنا وليس وجهات نظر لسيادتكم وتحليلاتكم!!
أما يا أستاذنا الكبير كلامك عن نظرية أن الرئيس السيسى ليس عبدالناصر فهذا رأيك!! ومن حقك!! أما نحن فمن نزلنا وانتخبناه.. فكان الانتصار.. ليس للحنين لزمن قديم ولكن لأنه نموذج مخلص جديد.. بعيد ربما عما تريد أنت! لأنى لا أبحث أنا وغيرى هنا عن نكسة ٦٧!! إذ أحاول الآن أن أطرح أمامك التطور وبعضا من الابتكار فى التقييم فالصمت يكون هنا فضيلة!! والكلام فى كل مرة سيجد أمامه ردا مخالفا من الكثيرين المخلصين من الشعب وليس فقط الصحفيين!! وتبقى حالة من التعجب والسؤال: لماذا هذا التشكيك فى هذا التوقيت؟ ولماذا الانتقاد الدائم ونشر التخاذل والإحباط والمطالبة بعودة العلاقات بالذات مع إيران؟ فهذا اتجاه يَصب الآن فى حساب من؟ تركيا وإيران وأصدقاء الإخوان الأمريكان صح ولّا نقول كمان؟!