x

كريمة كمال هل نعى الدرس؟ كريمة كمال الأربعاء 21-10-2015 21:25


تبارى المحللون فى تفسير ما جرى.. لماذا أحجم المصريون عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات.. وبعيدا عن كل الأسباب التى طرحت وقد يكون بعضها صحيحا فإن أكثر ما لفت نظرى فى هذه المحاولة المحمومة للفهم هو تعليقات المتصلين ببرامج التوك شو التى عكست حالة لدى قطاع كبير من الشعب المصرى، كلها تعكس إحساسا جارفا بأنه لم يحدث أى تغيير، وبالتالى وجود إحساس عارم بالإحباط من كل ما يجرى.. وإذا أخذنا فى الاعتبار ما جرى من محاولة هندسة الانتخابات والتى بدأت منذ إعداد القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية، وانتهت بالتدخل فى العملية الانتخابية سواء فى تشكيل القوائم أو فى ممارسة بعض الضغوط على قوائم أخرى.. كل ذلك بهدف الوصول إلى نتيجة بعينها فى تشكيل البرلمان تجعل منه برلمانا مستأنسا لا يشكل عقبة.. وإذا ما أخذنا فى الاعتبار محاولة تشكيل قناعات الناس عن طريق الإعلام مرة ضد ثورة يناير، ومرة ضد الدستور الذى تم إقراره بأغلبية شعبية، ومرة ضد الأحزاب، ندرك أن الأمور لم تترك لتفاعلاتها الطبيعية بل كانت هناك محاولات لتشكيل واقع مصنوع أو بمعنى آخر على المقاس، ولذلك تم تجاهل كل الآراء التى طرحت أثناء وضع قوانين الانتخابات وتم تجاهل التحذيرات التى نبهت إلى خطورة تشكيل قائمة تابعة للدولة، منذ أن حاول الجنزورى تشكيل هذه القائمة إلى أن تم استبداله باللواء سامح سيف اليزل، كما تم فيما بعد التأكيد على خطورة أن تمارس الأجهزة الأمنية ضغوطا على بعض القوائم وبعض المرشحين، كل ذلك وفى خلفية المشهد إعلام ينبح ليل نهار لتشكيل عقول الناس وقناعاتهم عبر التسريب والتشكيك والاتهام واحتكار الوطنية، وإذا أردنا أن نعى ما الذى ترتب على عملية التدخل السافر هذه علينا أن ننظر لهذه الصورة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى وضعت صورة اللجان الانتخابية الخاوية فى 2015 فى مقابل الطوابير التى امتدت فى انتخابات 2011، الفرق هنا كما جاء فى التعليقات أن الناس كان يحركها الإحساس بالأمل كما كانت تشعر أنها شريك فيما يحدث وأنها تملك أن تحدث تغييرا وأن صوتها يساوى. أخطر ما حدث فى المرحلة الأولى فى رأيى هو ضياع هذا الإحساس بفعل التدخل المسبق ومحاولة هندسة البرلمان، الفارق هنا هو فارق ما بين وجود سياسة وانتزاعها من الحياة المصرية بمحاولة فوقية لتشكيل الصورة على المقاس وطبقا للهوى.. ألم يكن هذا ما كان يجرى طوال عصر مبارك وما دفع المصريين للعزوف عن الخروج للمشاركة فى أى انتخابات؟ السياسة تعنى أن تترك التفاعلات الموجودة على الأرض لتحدث، أما التشكيل المتعمد بالقوانين والتدخلات الأمنية فهما لا يفعلان شيئا سوى تصدير الإحساس بأن الأمور محسومة سلفا فيشعر المواطن بأنه لا دور له.

ما جرى قد جرى المهم الآن هل نستفيد من هذا الدرس؟ هل ندرك أن التدخلات تفسد وأن انتزاع السياسة لا يؤتى إلا هذه النتيجة؟ هل ندرك أن الشعوب لا تدار بالإعلام الذى يعتمد التشهير والتشكيك والتسريب، ولا بالأغانى والشعارات بل بمشاركة هذه الشعوب لتشكل قناعاتها ولتتفاعل اتجاهاتها بشكل طبيعى وليس بشكل متعمد مصنوع. ما جرى يشير إلى وجود أخطاء فهل نتلافى هذه الأخطاء؟ نحن الآن حقا فى حاجة إلى مراجعة المسار الذى اعتمدناه منذ الثلاثين من يونيو والذى طغى عليه كل التدخلات الأمنية والإعلامية ونزع التفاعلات السياسية، فهل نفعل؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية