كيف يستعد أي مدرب لمواجهة أقوى فريق في أوروبا حاليًأ؟ كيف تهزم الفريق الوحيد الذي لم يهزم منذ بداية الموسم؟ كيف تراقب لاعبًا سجل خمسة أهداف في دقائق؟ كيف تواجه الطوفان؟ ليس بإرتداء ملابس السباحة بكل تأكيد.
في الواقع، حتى هذا السؤال ليس كافيًا، فعمليًا على الأقل، لا يحتاج أرسنال للصمود في وجه الطوفان وحسب، بل إلى السيطرة عليه وتعبئته في زجاجات إن أمكن، ما يبدو مستحيلًا بالطبع مجازًا وواقعًا.
«لدينا الثقة، لدينا الإمكانيات، نعلم بالظبط ما نحتاج لفعله، حتى 0-0 لن تكون كافية، نحتاج للتسجيل، ولكي نسجل نحتاج للهجوم.»
فينجر لديه الثقة، يزعم أن لديه الإمكانيات، وينوي أن يأخذ زمام المبادرة بالهجوم، تلك هي تصريحاته على الأقل وليتها تكفي، فبعد هزيمتين من دينامو زغرب وأوليمبياكوس وتذيل المجموعة برصيد خالي من النقاط، يحتاج أرسنال لمعجزة ليفرض أسلوب لعبه الذي يعني بالإستحواذ والضغط والتمرير القصير، على ملوك الإستحواذ والضغط والتمرير القصير، الأمر بهذه البساطة، وبهذه الصعوبة أيضًأ.
ولكنك قبل أن تحاول البحث عن الإجابة الصحيحة، عليك أن تسأل نفسك السؤال الصحيح أولاً..فبغض النظر عن إحتمالات نجاح المدفعجية في فرض أسلوب لعبهم والتي تبدو مستحيلة بالمناسبة، وبفرض أن الهجوم المدفعجي غاية لا بد منها لتحقيق فوز لا بديل عنه، لكن هل الإستحواذ هو فعلاً الوسيلة الأنسب لتحقيق غاية الجانرز؟
هذا ما نحاول الإجابة عليه من خلال هذا التحليل.
أزمة البايرن
صدق أو لا، العملاق البافاري في أزمة حقيقية، روبن، ريبيري، بادشتوبر، بن عطية، وجوتزة، ليست قائمة البدلاء بل الإصابات، لذا ستكون تشكيلة الألمان إضطرارية إلى حد كبير، لكنها لن تخلو من النجوم في أي موقع من الملعب بسبب توفر البدائل، ولن يعيبها سوى بطء الثلاثي فيليب لام، تشابي ألونسو، وخافي مارتينيز، لحسن حظ المدفعجية أن الأول سيضطر لمواجهة أحد أفضل أجنحة البريمييرليج مؤخرًا إن لم يكن أفضلها، أليكسيس سانشيز.
مصفوفة جوارديولا
الإسباني متطرف بطبعه، لا حلول وسط في أغلب مباريات جوارديولا، إما أن يتلقى الكثير أو يحرز الكثير، مصفوفة جوارديولا التكتيكية أقرب إلى الغول، تريد كل شيء طول الوقت وعلى كل الجبهات، خطة جوارديولا مصممة بعناية لتوفر الحلول الهجومية من العمق والأطراف معًا، بصعود ظهراء الجنب أو بتحفظهم الدفاعي، دجاجة جوارديولا التي تبيض له الذهب هي محوري صناعة اللعب أمام الإرتكاز الدفاعي، فيدال وتياجو يمتلكان ما يلزم لبسط سيطرة البافاري على منتصف الملعب، وهما من يقودا ترسانة البايرن المدججة إلى حدود منطقة جزاء الخصم تمهيدًا للقصف المتواصل.
السؤال الصحيح- الإجابة الصحيحة
من العبث السعي إلى إمتلاك الكرة أمام فريق يضغط بجنون لإسترجاعها، خاصة إذا كان نفس الفريق يميل لترك مساحات شاسعة خلف خطوطه لينفذ فلسفة مدربه، فكيف يمكن مواجهة مصفوفة جوارديولا؟
*مصفوفة أخرى: اللعب بنفس خطة الأسباني سيكون الأقرب للمنطق، والإلتزام بالإنكماش وتضييق المساحات سيكون إجباريًا أمام سرعات كوستا وكومان الجنونية.
ثلاثة خطوط يضم كل منها ثلاثة لاعبين على الأقل، هذا يتوجب تغيير رسم وسط الملعب لمحور إرتكاز هو كوكلين وثنائي متقدم هم كازورلا ورامزي يتوليان التغطية على الأطراف في حالة الدفاع، والخروج بالكرة سريعًا للأطراف في حالة الإرتداد، وهو ما يجيده الثنائي بالطبع، الخروج للأطراف مهم في هذه الحالة لإجبار دفاع البايرن على الإنتشار بعرض الملعب، ومنح الأجنحة (سانشيز وتشامبرلين في هذه الحالة) الوقت الكافي لتفريغ منطقة جزاء البايرن للقادمين من الخلف رامزي وكازورلا وبالطبع وولكوت، وكأنها ثنائية (وان-تو) تُنفذ في نصف ملعب الألمان.
*أجنحة أخرى: لتنفيذ الأولى يتعين على فينجر إشراك تشامبرلين من البداية، الإنجليزي الشاب يجيد الإرتداد وحتى لو لم ينجح في صناعة الفارق في المقدمة، فسرعته ستمنع ألابا من التقدم بأريحية، وهو مكسب كبير لفينجر لو كان قد درس خصمه جيدًا.
*10 الوهمي: ضع صانع لعب تقليدي وسيتمكن الألمان من مراقبته مباشرة وإبطال مفعوله بسهولة، نوّع مصادر صناعة اللعب لتربك خصمك وتباغته، كازورلا ورامزي يمكنهم تبادل هذا الدور بكفاءة من العمق دون الحاجة لإشراك أوزيل، ما يقودنا للنقطة التالية.
مباراة كبيرة..قرارات كبيرة
أغلب الظن أن الفرنسي العنيد سيبدأ المباراة بتشكيلته المعتادة بما تحمله من خصائص مميزة، رامزي على الجناح، كازورلا كإرتكاز متقدم إلى جانب كوكلين، وأوزيل كرقم 10 كلاسيكي، ولكن من قال أن أوزيل هو الإختيار الأفضل لهذه المباراة؟
القاعدة التكتيكية تشترط البعد عن التناقضات الفجة في المباريات الكبيرة، لا تضع مدافعًا بطيئًا في مواجهة جناح سريع، لا تلقى بآخر ضعيف في مواجهة مهاجم قوي، كذا هو الأمر بالنسبة لأوزيل في تلك المباراة.
قدم الألماني الحساسة التي صنعت ستة أهداف للمدفعجية حتى الآن ستبدو كإبرة جرامافون في إعصار، من المستحيل أن تعثر على الإسطوانة المناسبة في ظل ضغط وحشي من إثنين من أسرع عناصر البافاري هم تياجو وفيدال، خاصة أنها قدم تغلفها هشاشة بدنية تجعله الطرف الأضعف في أي نزاع بدني، والأبطأ في أي سباق سرعة، ما يؤهل عازف الليل للنشاز في أغلب أوقات المباراة.
إضافة أوزيل ستعد تَزَيُدًا لا داع له، خاصة أن إعتماد الأرسنال على المرتدات لا يحتاج التمريرات الدقيقة بقدر ما يحتاج للسرعة في الخروج بالكرة، محطة إضافية في وسط ملعب الخصم كأوزيل لن تكون ضرورية لإكمال الهجمة، بل ربما – ونقول ربما- تأتي بنتائج عكسية، فتصبح محطة لفقد الكرة وإنتهاء الهجمة.
ميزة أخرى توفرها الخطة السابقة هي قدرة الثنائي كازورلا ورامزي على الضغط على عناصر الخصم وإستخلاص الكرة، ما يعجز عنه أوزيل، وبمشاركة صانع اللعب الألماني سيبدو أرسنال وكأنه يلعب بعشرة لاعبين في حالة الدفاع، بينما سيبدو الدفع به منطقيًا في الشوط الثاني إن نجح أرسنال في التقدم، ما هو مستبعد خاصة أن الخصمين في هذه المباراة وبحكم أداءهما منذ بداية الموسم، يقدمان عروضًا أفضل في الشوط الثاني.
الإثارة حتمية في مباراة اليوم، فريق لن يقبل بأول هزيمة في الموسم حتى لو كانت خارج أرضه، وآخر لا يملك خيارًا إلا الفوز أو الخروج من دور المجموعات رسميًا لأول مرة منذ عشر سنوات.