هذه مجرد قراءات أولية فى المسألة الانتخابية:
دلالات أول يوم انتخاب، الأحزاب مازالت كرتونية، الإعلام مازال كسيحاً، النخبة مازالت متعالية، الدولة مازال الذى يسند عمود خيمتها فقط هو طلب الأمان والخوف من المستقبل، وليست الرؤية الاستراتيجية وحسم خيارات المواطنة والهوية، السلفية مازالت تمارس التقية لحين التمكين، الشباب هاجر داخلياً بعدما أغلقت أبواب الهجرة خارجياً، ثمار تعليم الثلاثين سنة الماضية بها الكثير من العطن والعفن والسوس أفرزت تشوشاً ثقافياً وهطلاً سياسياً.
من إمتى كان شعبنا نسبة إقباله على الانتخابات البرلمانية كثيفة، ومن إمتى كان توجهه لصناديق الانتخاب بناء على انتماء حزبى ووعى سياسى عميق؟! هذه المرة النسبة أقل بالتأكيد ولابد أن نواجه أنفسنا بصراحة ومانضحكش عليها بحقيقة مرة صادمة وهى أن الانتخابات دى ناقصة أهم اتنين بيحشدوا، الحزب الوطنى بأتوبيسات عاملى مصانع رجال الأعمال والمؤسسات والهيئات والموظفين المصلحجية فى زمن اكتساح الوزراء الكبار لدوائر بعينها، والإخوان بميكروباصات المغيبين بوهم أن هؤلاء بتوع ربنا وبالزيت والسكر وتجميع البطاقات وملاعيب شيحة الانتخابية التى يجيدونها!!!.
الناس النهارده قالت للسلطة فى الانتخابات: اتحالفتوا مع السلفيين وطبطبتم عليهم... خلاص اشربوهم... وبالبلدى أكتر وباللغة الشبابية الروشة ادخلوا فى الحيط والبسوا... وربنا يهنّى سعيد بسعيدة... حل عدمى لحلف عبثى، حلف غير مفهوم، عندما خرجنا فى 30 يونيو لم نخرج ضد الإخوان فقط بل خرجنا ضد كل أشكال الإسلام السياسى، خرجنا ضد كل سماسرة وتجار الدين، لم نتوقع أن نخرج من حفرة الإخوان لنقع فى دحديرة السلفيين، الناس مستعدة تتحمل مصاعب اقتصادية لكن مهم عندها جداً أنها وهى بتستحمل تكون شايفة حكم له أولويات واضحة وخيارات محددة، وإجابة واحدة وحاسمة هل الحكم ده والسلطة دى تريد دولة مدنية أم دينية أم مهلبية؟! هل هى تريد دولة تحترم المواطنة أم دولة تنتهكها؟ هل قامت بحماية مكاسب المرأة التى كانت طليعة 30 يونيو أم أطلقت عليها ضباع نكاح الأطفال ورضاع الكبار؟! هل هذه الدولة قامت بإنفاذ القانون وتفعيله ضد من أحرقوا كنائس وبيوت المسيحيين بالفعل والتحريض أم أنها جعلت اليد العليا لأصحاب ودعاة المجالس العرفية من ذوى اللحى فى قرى الصعيد الذين نصبوا من أنفسهم وكلاء للرب واستباحوا أملاك الأقباط هناك، الأقباط الذين كانوا عنصراً أساسياً فى سبيكة 30 يونيو؟!! صرخ كل هؤلاء فى وجه الدولة التى تركتهم فى العراء نهباً لأصحاب بوتيكات فتاوى القتل والإرهاب، صرخوا مادمت يا بلد مُصراً على الوقوع فى نفس الفخ والتحالف مع نفس الفصيل والرقص على أنغام نفس الفرقة.... خلاص اشبعى بيهم وهانحن فى بيوتنا قاعدون.
الإعلام يصنع الوعى ولا يزيفه، إعلام تشغل قضية سما المصرى وأحمد عز من مساحة اهتمامه عشرة أضعاف اهتمامه بقضية مسؤولية البرلمان واتجاهات مرشحيه وخطورة دوره، هذا الإعلام إعلام أحمق، إنه إعلام الداء لا الدواء، تخيلناه بعد الثورة دواء لعلتنا، ولكننا أفقنا على أنه دواء يشوه أجنة الحرية والعقل والثقافة.
رهان الرئيس السيسى على الإعلام الخاص رهان خاسر، لن يكون الإعلام الخاص أداة بناء وتوعية بل سيكون أداة ابتزاز وتسلية، إذا كان السيسى يراهن على أن الفضائية الخاصة ستكون صوت التغيير القادم، للأسف هى لن تكون إلا فى خدمة رجل واحد فقط هو رجل الأعمال صاحب القناة.