x

محمد أمين رجل يعشق مصر! محمد أمين الأحد 18-10-2015 21:18


لماذا رحلت الآن يا أستاذ جمال؟.. لماذا لم تنتظر معنا حتى نعبر؟.. ألست المقاتل الذى عاش العبور العظيم؟.. ألست الرجل الذى آمن بمصر ومكانة مصر؟.. ألست الرجل الذى هام عشقاً بجيش مصر وبطولاته؟.. لماذا لم تنتظر؟.. لماذا تودعنا الآن؟.. هل اطمأن قلبك وارتاح ضميرك؟.. لماذا اخترت الوداع من مسجد السيدة نفيسة؟.. لقد خشيت أن أكتب عنك منذ أسابيع، خشية أن يكون مقالى نعياً مبكراً، فتراجعت!

كنت أخشى أن أذهب إلى المستشفى، فأراك فى غيبوبة الموت، فلم نعتد منك الصمت.. فقد كنت ترقد ساكناً فى العناية المركزة.. وكنت أسأل عنك من بعيد، كى لا أقلّب الحزن على السيدة حرمكم، الكاتبة الكبيرة ماجدة الجندى.. أو أثير أحزان ابنكم الدبلوماسى الوطنى محمد الغيطانى.. فلم أرك فى يوم من الأيام من دونه.. دائماً كان معك محمد.. فإذا كان الكلام عن جيش مصر، كنت أنت ومحمد مرجعاً للحاضرين!

لقد كنا نلتف حولك حين تتحدث عن العبور والبطولات والقادة العظام.. تُنصف هذا وتُنصف ذاك.. فقد كنت تعرفهم بأسمائهم، لأنك عشت معهم فى خندق واحد، وكنت أستمع إليك بإنصات واحترام، حين تتحدث عن مساجد مصر، وتراثنا العظيم.. فقد قطعت الأميال تبحث وتدقق.. أما كلامك عن الصعيد فكان له سحر خاص.. وحين تتوقف عند البر الغربى وتتحدث عن الشيخ الطيب، فلا أحد يطاولك فى مقام العشق!

لا أنسى بساطة الأستاذ الغيطانى حين كان يتحدث معنا.. فقد كان سهلاً سمحاً متسامحاً.. وكان فى كتاباته لا يتسامح مع شىء يرى أنه خطأ.. لكنه كان حين يكتشف الصواب يسارع بالاعتذار.. ولا أنسى كيف كان يشجعنا على الكتابة.. ثم يقول إنه لا يترك مقالاً لم يقرأه.. وكان يذكر أحياناً بعض العناوين.. فلماذا حرمتنا يا أستاذ من كلمة تشجيع؟.. لماذا لم تنتظر؟.. كنا أحوج ما نكون إلى آرائك الشجاعة الآن!

تجلت شجاعته فى التصدى للإخوان دون مواربة.. وراح يحذر من خطورتهم.. ويذكر تاريخهم الأسود.. لا يخشى لومة لائم.. وكان يقول طوال حياته للغولة: عينك حمراء.. وجلب ذلك عليه الكثير من المشكلات.. وعاش فقيراً، بينما غيره يرفل فى العز والفخفخة.. هكذا كان الغيطانى رحمه الله، حين يرى ما يعتقده صحيحاً.. وبالأمس غادرنا بجسده، لكن روحه ستظل معنا، وإنتاجه سيظل أنيس كل باحث عن العلم!

مصر لا تنسى رجالها.. وأظن أن نعى مجلس الوزراء كان يعكس قيمة الغيطانى.. فقد نعاه كاتباً وروائياً عظيماً، وقال إنه ساهم بدور كبير فى إثراء مجال المقال والقصة القصيرة والرواية، بأسلوبه الأدبى الفريد، ورؤيته الفكرية الواسعة، وما يتمتع به من عشق كبير لتراب وطنه.. نعم كان الغيطانى عاشقاً لتراب وطنه.. وكانت القوات المسلحة تعتبره واحداً من مقاتليها الأبطال، من كتيبة نصر أكتوبر، وفى طليعة أبطالها!

يرحم الله الغيطانى بقدر ما قدم لوطنه، وبقدر ما آمن بمصر (المكان والمكانة).. وقلبى مع ابنه محمد، الذى فقد صديقه وأستاذه وكل شىء عنده.. وقلبى مع رفيقة دربه، ماجدة الجندى، التى صادقته قبل أن تكون زوجته.. ويبقى أن تكرمه الدولة بما يستحق، وتكرمه نقابة الصحفيين بإطلاق اسمه على إحدى جوائز النقابة الكبرى!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية