ولد على عزت بيجوفيتش، في ٨ أغسطس ١٩٢٥، بمدينة بوسانا كروبا البوسنية لأسرة بوسنية عريقة في الإسلام، وهوأول رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك بعد انتهاء الحرب الرهيبة في البوسنة، وقبل ذلك كان ناشطاً سياسيا وفيلسوفا إسلاميا، وله الكثير من المؤلفات.
قال عنه المفكر الكبير الراحل الدكتور عبدالوهاب المسيري: «هو مفكر ورئيس دولة، يحلل الحضارة الغربية، ويبين النموذج المعرفي المادي العدمي الكامن في علومها وفي نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه، ولكنه في ذات الوقت يستفيد من اجتهادات المفكرين الغربيين المدافعين عن الإنسان، ولعل إيمانه بالإنسان الذي ينبع من إيمانه بالله وإدراكة لثنائية الطبيعة البشرية، هو الذي شد من أزره إلى أن كتب الله له ولشعبه النجاة، وهو الذي مكنه من أن يلعب هذا الدور المزدوج.. دور المجاهد والمجتهد، ودور الفارس والراهب».
وعلى هذا فقبل كون على عزت بيجوفيتش، رئيسًا، فقد كان فليسوفًا ومفكرًا كبيرًا عني بدراسة العلاقة بين الشرق والغرب، وماهية الإسلام، وله مؤلفات مهمة في هذا السياق.
هذا هو على عزت بيجوفيتش، الذي قال: «لم يغن الشعب للذكاء وإنما غنى للشجاعة، لأنها الأكثر ندرة»، وقال أيضًا: «الطريقة الوحيدة للانتصار على الظلم هي التسامح»، و«يعاني الإنسان في السجن من نقص في المكان وفائض في الزمان».
على عزت بيجوفيتش، ينتمي لأسرة بسنوية عريقة في الإسلام بمدينة «بوسانسكي شاماتس»، واسم عائلته يمتد إلى أيام الوجود التركي بالبوسنة، فالمقطع «بيج» في اسم عائلته هو النطق المحلي للقب «بك» العثماني، ولقبه «عزت بيجوفيتش» يعني ابن عزت بك.
تعلم «بيجوفيتش» في مدارس مدينة سراييفو وتخرج في جامعتها في القانون، وعمل مستشارًا قانونيًا على مدى 25 سنة ثم اعتزل وتفرغ للبحث والكتابة، وفي جمهورية يوغسلافيا السابقة بزعامة قائدها القوي «تيتو»، كان «بيجوفيتش» معارضًا بارزًا، وسجن عدة مرات، وكثيرًا ما كان يتهم من قبل أطراف صربية وكرواتية بأنه من داعمي الأصولية الإسلامية.
ونشأ «بيجوفيتش» في وقت لم يكن في البوسنة والهرسك التعليم الديني جزءًا من المناهج الدراسية، وكان على وعي بأهمية أن يتعرف على دينه ويقرأ فيه قراءة مستفيضة، فاتفق هو وبعض زملائه في المدرسة أن ينشئوا ناديًا مدرسيًا للمناقشات الدينية سموه «ملادي مسلماني» أي «الشبان المسلمين»، التي تطورت أنشطتها لاحقًا لتشمل الأعمال الاجتماعية والخيرية، وضمت قسمًا للفتيات المسلمات.
واستطاعت جمعية «الشبان المسلمين»، أثناء الحرب العالمية الثانية، أن تقدم خدمات فعالة في مجال إيواء اللاجئين ورعاية الأيتام، كما تطورت معرفيًا من أفكار جاء بها بعض الطلاب البوسنيين الذين تعلموا في الأزهر بالقاهرة، وحينما احتلت النازية الألمانية مملكة يوغسلافيا وأحالتها جمهورية فاشية، قاطعت جمعية «الشبان المسلمين» النظام الفاشي، فحرمها هذا النظام من الشرعية القانونية.
كان «بيجوفيتش» قد جاء رئيسًا لجمهورية البوسنة والهرسك، 19 نوفمبر 1990، وظل يشغل موقعه الرئاسي حتى 1996، ثم أصبح عضوًا في مجلس الرئاسة البوسني من 1996 إلى 2000، ويعتبر كتابه «الإسلام بين الشرق والغرب» درة كتبه، ومن كتبه الأخرى «الإعلان الإسلامي» و«الهروب إلى الحرية» و«مذكراتي» الذي ضم سيرته الذاتية.
ومن أوجه التقدير التي حظي بها أن حصل على جائزة «الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام» في 1993، وجائزة «مفكر العام» من مؤسسة على وعثمان حافظ في 1996، وجائزة «مولانا جلال الدين الرومي الدولية لخدمة الإسلام» في تركيا، وجائزة «الدفاع عن الديمقراطية الدولية» من المركز الأمريكي للدفاع عن الديمقراطيات والحريات، وجائزة «دبي الدولية للقرآن الكريم» تقديرًا لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، وجائزة «شخصية العام للعالم الإسلامي» في 2001 إلى أن توفي «زي النهاردة» 19 أكتوبر 2003.