بعد استعمار دام ٧٣ عاماً وتسعة أشهر وسبعة أيام، جاء جلاء قوات الاحتلال البريطانى عن مصر وقد وقعت اتفاقية الجلاء «زي النهاردة» في ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤.
كان فشل الثورة العرابية عام 1882 قد انتهى باحتلال الإنجليز لمصر، وهو الاحتلال الذي دام 72 عاما إلى أن نجحت ثورة 23 يوليو 1952، وبدأ قادة مصر ينشطون باتجاه تحقيق الجلاء التام.
وبدأ قادة ثورة يوليو المسيرة بالعمل العسكري والفدائي، وانتهت بمباحثات ثنائية بين مصر وإنجلترا من أجل جلاء القوات البريطانية المرابطة في منطقة القناة، والتي بدأت في 27 يوليو 1954 إلى أن نجح المصريون في الحصول على الجلاء التام الذي توج بتوقيع اتفاقية الجلاء في مثل هذا اليوم 19 أكتوبر 1954.
وقع اتفاقية الجلاء عن الجانب المصري الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ومن بريطانيا اللورد «ستانسجيت» بحيث يتم الجلاء على مراحل، كما تم الاتفاق عما يتبع حيال القاعدة البريطانية في القناة، وقد تمت المرحلة الأولى من الجلاء في 18 فبراير عام 1955، والثانية في 16 يونيو 1955، والثالثة في 25 مارس 1956، وفي 18 يونيو 1956، وتم جلاء آخر جندي بريطاني عن أرض مصر، ورفع العلم المصري لأول مرة على مبنى البحرية البريطانية «نيفي هاوس» في ذلك الوقت ببورسعيد.
وتقول ديباجة الاتفاقية: «بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في ١٠ فبراير سنة ١٩٥٣، وعلى القانون رقم ٦٣٧ لسنة ١٩٥٤، بالموافقة على الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، وشمال أيرلندا، والموقع عليه بالقاهرة في ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤، وبناء على ما عرضه وزير الخارجية، قرر مادة ١- يعمل اعتبارا من ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤ بالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر، وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، وشمال أيرلندا والموقع عليه بالقاهرة في ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤، والمرفق نصه.
ومن المواد التي جاءت في نص الاتفاقية الذي جاء في ١٣ مادة (المادة ١) تجلو قوات صاحبة الجلالة جلاء تاماً عن الأراضي المصرية، وفقاً للجدول المبين في الجزء (أ) من الملحق رقم (١) خلال فترة عشرين شهراً من تاريخ التوقيع على الاتفاق الحالي (المادة ٢) تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في 26 أغسطس سنة ١٩٣٦وكذلك المحضرالمتفق عليه، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصروجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى،- (المادة ٧) تقدم حكومة جمهورية مصرتسهيلات مرور الطائرات وكذا تسهيلات النزول وخدمات الطيران المتعلقة برحلات الطائرات التابعة لسلاح الطيران الملكي التي يتم الإخطارعنها (المادة ٨) تقر الحكومتان المتعاقدتان أن قناة السويس البحرية التي هي جزء لا يتجزأ من مصر طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في 29 أكتوبر سنة ١٨٨٨.
ويقول الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح عيسي إن المفاوض المصري في هذه الاتفاقية قد استفاد من تجربة المفاوضات السابقة التي كانت فيها بريطانيا الطرف الأقوي ففي ظل ما استجد بعد قيام ثورة 23 يوليو واستمرار أعمال المقاومة على خط القناة والتي كانت تديرها إدارة في المخابرات المصرية بقيادة كمال الدين رفعت الذي كان يشرف على العمليات الفدائية التي استهدفت المواقع العسكرية على خط القناة مما شكل ضغطا على المفاوض البريطاني ليصبح الطرف المصري في المفاوضات هو الطرف الأقوي وكانت غالبا ماتتعثر المفوضات أو تفشل بسبب موضوع السودان إلى أن تم الفصل والانفصال ثم كان العدوان الثلاثي والذي قضي على أي حضور بريطاني في القناة.