اتصلت بالدكتور جابر نصّار، رئيس جامعة القاهرة أحييه وأشد من أزره، وأرجوه ألا يتراجع عن قراره الشجاع والشجاع جداً بشأن منع عضوات هيئة التدريس بالجامعة والهيئات المعاونة من التدريس بالنقاب، سمعته واثقاً قانعاً بما رآه ومستعداً لكافة أنواع الهجوم والاعتراض ممن احترفوا دفن الرؤوس فى الرمال طوال سنوات كثيرة مضت، وما زالوا فى صف انتشار النقاب فى الشارع المصرى، وفى أماكن العمل وفى المدارس والمستشفيات، هم فى صف الحرية الشخصية لمن ترتديه بصرف النظر عن حرية ومصلحة وأمان الآخرين فى التعرف على صاحبته. تحدث دكتور نصار بأسىً عن زملاء له من أساتذة ورؤساء الجامعات خذلوه فى قراره وأيدوا عكسه، وتحدث عن حوادث اختطاف أربعة من المواليد بمستشفى قصر العينى التابع لجامعة القاهرة من أمهاتهم من منتقبات ادعين أنهن طبيبات فسلمت لهن الأمهات أطفالهن ولم يعودوا، تحدث عن العديد من شكاوى الطلبة والطالبات من عدم قدرتهم على المتابعة العلمية الصحيحة فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث. أضفت إليه اندهاشى شخصياً من غياب الدولة ممثلة فى وزير التعليم العالى على وجه الخصوص من هذه القضية المسكوت عنها فى المجتمع المصرى، بفعل الخوف من التعرض لمؤيدى النقاب والباحثين عن دلالات نصوص دينية وأحكام شرعية قرروا قطعيتها وثبوت دلالتها واعتبارها- كما يرددون- تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً أو تغييراً، إذ إنها- كما جاء فى مذكرة التظلم التى رفعها محامى عضوات هيئة التدريس المنتقبات بجامعة القاهرة إلى رئيس الجامعة- عصية على التعديل ولا يجوز الخروج عليها ولا الالتواء عن معناها. وهكذا أغلقت تلك المذكرة- أو هكذا يعتقد رافعها- كل أبواب النقاش أوالاعتراض أو التفاهم فيما يخص قضية النقاب التى لم يعرفها المجتمع المصرى الحديث أو حتى القديم، حتى جاء زمن الاختلاط بأهل الخليج ونقل ما يمارسونه كعادات إلى صلب الدين الإسلامى باعتباره عبادات.
وقد أنهى صاحب مذكرة التهديد مذكرته إلى رئيس الجامعة بالتماس إعادة النظر فى صحة هذا القرار وإلغائه (رضاءً لا قضاءً)، أى بالمعروف وليس جبراً بأحكام القضاء، ومحذراً من منازعات ستنشأ حتماً بينه وبين منتقبات الجامعة اللائى وقّعن على المذكرة ومن معهن من مؤيدى ومؤيدات رفض قرار رئيس الجامعة، باعتباره كما يرددون قرارا ضد الدستور والدين والحرية الشخصية.
تصوّر البعض أن قرار رئيس أكبر وأعرق جامعة فى مصر سيلقى دعماً من الدولة التى تواجه الإرهاب، وتعانى من تخفّى بعض الرجال الحاملين الأسلحة والمتفجرات وراء نقاب السيدات، وتصور آخرون أنه قد آن الأوان لمواجهة انتشار النقاب بين معلمات المدارس الحكومية اللائى يخفين وجوههن عن الأطفال، وبين الممرضات والطبيبات فى المستشفيات العامة اللائى يعالجن المرضى من وراء ستار. ومن الملاحظ أن مؤسسات الدولة من جامعات أو مدارس أو مستشفيات أو أماكن عمل هى التى تشهد وحدها حملات الرفض والتهديد ومحاولات لىِّ الذراع والعنق لمن يجرؤ على المساس بالحرية المطلقة لموظفيها، أما المؤسسات الخاصة من نفس النوع فلها شروطها التى تفرضها مقدماً على الملتحقين بها دون أدنى اعتراض منهم أو منهن. أصبحت مؤسسات الدولة هى فقط الحيطة المايلة التى تقبل الاعتراض والتهديد والتجمهر. إلى متى؟