x

هشام خليل إسكان محدود الدخل.. مع محدودي الأفق هشام خليل الثلاثاء 13-10-2015 21:19


لا يخفي علي أحد أن إسكان محدودي الدخل إحدى المشاكل المزمنة في مصر، وهي في وجهة نظري إحدى مشاكل رب الأسره المصري المطحون اللي لازم يتصرف علشان يجيب لابنه شقه يتجوز فيها، وإحد أسباب تأخر سن الزواج، والإحباط النفسي والعدوانية عند كتير من الشباب.

مصر بتحتاج حوالي ٣٠٠ ألف وحدة سنويا من الإسكان محدود الدخل، ويوجد حاليا فجوة قدرها ٢ مليون وحدة (طبقا لوزارة الإسكان) في الوحدات الخاصة بمحدودي الدخل. مشكلة الاستثمار في وحدات محدودي الدخل الأساسية هي أن أقل تكلفة للوحدة هي ١٢٠ ألف جنيه، و المشتري معهوش ١٢٠ ألف شلن، بالتالي حلها الوحيد هو تمويل الوحدات من خلال شركات التمويل العقاري على مدد طويلة تصل إلى ٢٥ سنة.

طيب، ما هي محلوله أهيه؟

لأ، المشكلة إن الفايدة على التمويل العقاري بتصل إلى حوالي ٩٪ سنويا فايدة ثابتة ، ودي فايدة عالية جدا بتخلي القسط يتعدي ألف جنيه في الشهر، بالتالي مبقيتش لمحدودي الدخل!! البنك المركزي مشكورا خصص ١٠ مليارات جنيه لدعم الفايدة على قروض التمويل العقاري لمحدود الدخل علشان يصل بالفايدة إلى حوالي ٤٪ سنويا ثابتة، وبالتالي شركات التمويل العقاري تقدر توصل بقسط الشقة إنه يبتدي من ٥٠٠ جنيه في الشهر، ليكون في متناول الأسرة محدودة الدخل.

حلو الكلام؟ لأ مش حلو. ليه تاني؟

لأن في الوقت اللي البنك المركزي خصص الـ١٠ مليار جنيه لدعم الفايدة لقروض وحدات محدودي الدخل، نجد البنوك مخرجتش أي مبالغ تذكر تقريبا من الفلوس دي لأن البنوك مش عايزة وجع دماغ، ولا تفضل أنها تشتغل مع ١٠٠ ألف عميل محدود الدخل، و أحسن لها طبعا تشتغل مع ١٠٠ عميل كبير بلا وجع دماغ، و بيتحججوا إن نسبة التخلف في السداد لمحدودي الدخل مرتفعة. علما بأنهم لو رفعوا سماعة التليفون على صندوق التمويل العقاري هيعرفوا إن النسبة دي عمرها ما زادت عن واحد في المائة ، لكن هما مش عايزين وجع دماغ. علما أن معظمهم بنوك قطاع عام، يعني مملوكة للدولة، يعني المفروض تكون بتنفذ رؤية و خطة الدولة، لكن للأسف كل يغني على ليلاه.

وليه كمان، لأن وزارة الإسكان بلا سبب مفهوم بتشترط إن المستثمر ما ياخدش ولا مليم من ثمن بيع الوحدات قبل الانتهاء من إنشاء المشروع بالكامل، علما أن الوزاره بتشترط إن هامش الربح لا يزيد عن ٧.٥٪ .

يعني لتبسيط الموضوع: الـ١٠ آلاف وحدة هتتكلف أكتر من مليار جنيه، والمشروع هيستغرق على الأقل ثلاث سنوات، إذا المطلوب من المستثمر أنه يضع مليار جنيه من جيبه علشان ياخد هامش ربح ٧.٥٪ بعد ٣ سنين!!! يعني أقل من ٢.٥٪ في السنة !!! علما بأنه لو حط الفلوس دي في البنك هياخد ١٠٪ في السنة!!! يبقي هيستثمر في إسكان محدودي الدخل ليه غير لو عبيط و عايز يخسر أو ممسوك عليه زلة!!! علما برضوا بأن الموضوع مؤمن تماما عن طريق أن المستثمر بيقدم خطاب ضمان أو بياخد فلوسه على دفعات طبقا لنسب الانتهاء من الأعمال.

في الدنيا كلها الموضوع ده بيمشي إزاي؟

الموضوع سهل جدا، شركات الاستثمار العقاري بتاخد أرض من الدولة بسعر مناسب تشجيعا للاستثمار في إسكان الغلابة، و الدولة يا إما بتدخل شريك بالأرض أو بتاخد تمن الأرض على دفعات. والدولة بتحدد سقف لهامش ربح الشركة أو سقف لسعر بيع الوحدات. شركة الاستثمار العقاري بتبتدي تبيع المشروع على الرسومات بالتقسيط على ٢٥ سنة وذلك بالتعاون مع شركات التمويل العقاري أو البنوك اللي هتقسط للمشتري و بتاخد فايدة، وفي نفس الوقت شركات التمويل العقاري تسدد للمستثمر العقاري تمن الوحدات، بناء على نسبه الشغل في المشروع. شركة الاستثمار العقاري تبتدي تبني المشروع من فلوسها، وبتبتدي بتاخد فلوس من شركات التمويل العقاري بناء على نسبة البناء في المشروع، يعني مثلا لما يوصلوا لـ٢٠٪ من المشروع ياخدوا ١٥٪ من تمن الوحدة، ولما يوصلوا لـ٥٠٪ من حجم الإنشاءات في المشروع يبقى وصلهم ٤٠٪ من تمن البيع، علشان دايما يبقوا واخدين فلوس أقل من حجم العمل ويبقوا دايما في بطن شركات التمويل، و المشتري يبقي مطمن إن شركة الاستثمار العقاري مش هتاخد الفلوس وتهرب وهكذا، و يفضلوا كده لحد ما يخلص المشروع والعملاء يستلموا الوحدات من غير أي ملاحظات، ساعتها بس تاخد شركة الاستثمار العقاري بقية تمن الوحدات، وبكده ينتهي دور شركة الاستثمار العقاري، وشركة التمويل العقاري هي اللي بتفضل تتعامل مع صاحب الوحدة وتحصل منه الأقساط على ٢٥ سنة مقابل فايدة. وزي ما قلنا إن البنك المركزي مخصص ١٠ مليار لدعم الفايدة لوحدات دي علشان الفايدة توصل لـ٤٪ ثابتة، يعني بالبلدي أقساط الشقة هتبتدي من ٥٠٠ جنيه في الشهر أول سنة وهتوصل لـ١٥٠٠ جنيه بعد ٢٥ سنة.

علي الجانب الآخر من الصورة، وفي نفس الوقت اللي بنعرقل فيه الاستثمار في إسكان محدودي الدخل، عمالين نتحايل على شركات أجنبيه تيجي تعمل لنا المليون وحدة، ونتقمص منهم ويتقمصوا مننا علما بأننا مش محتاجينهم، كل ما نحتاجه هو رؤية و إرادة سياسية، وقانون واضح يزيل العراقيل ويفسح المجال للشركات الوطنية والأجنبيه للاستثمار في هذا القطاع الواعد، وهنلاقي مئات الشركات عايزة تستثمر وتحل لنا مشكلة مزمنة من مشاكل مصر وهي إسكان محدودي الدخل، وفي نفس الوقت نحسس الغلابة إن الدولة مهتمة بيهم وبمشاكلهم مش بس اهتمامها بالعاصمة الجديدة الفظيعة اللي لو فضلنا ماشيين كده مش هيكون الناس معاها فلوس تشتري في العاصمة الجديدة و لا القديمة. ولذلك حديث آخر.

حل مشكلة إسكان محدودي الدخل ليس ترفا، بل هو أولوية قصوي، لأن في وجهة نظري أن محدودي الدخل يؤرقهم ثلاثة أشياء في حياتهم اليومية:

- العلاج الكريم في حالة المرض خاصة المزمن.

- وتدبير سكن ملائم و آدمي له و لأولاده.

- تكلفة الدروس الخصوصية.

لو قدرنا نحل المشكلة دي أو جزء منها يبقي هنشيل عبء كبير جدا من علي الطبقة الأكثر فقرا، وهنقلل الأسباب اللي بتخلي الإنسان يفسد أو يتنازل عن كرامته ليحصل على المال بأي طريقة علشان يتعالج أو يلاقي سقف محترم يغطيه، وهنحل جزء كبير من مشكلة العشوائيات وما يستتبعها من انفلات أخلاقي وهنكون بنرسخ بجد مفهوم العدالة الاجتماعية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية