شاركت دار الإفتاء المصرية في فعاليات الملتقى الشبابي السنوي الذي جاء بعنوان «لنعبر جسرًا»، وتنظمه وزارة الشباب والرياضة بالمدينة الشبابية بالإسكندرية بحضور شباب من مختلف محافظات مصر.
وألقى الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء وأمين الفتوى بها، محاضرة، الأربعاء حول «القوى الناعمة ودورها في مواجهة التهديدات التي تشكل خطرًا على الهوية المصرية»، وسط حضور عدد كبير من الشباب من مختلف محافظات مصر والذين تفاعلوا بشكل كبير.
وأكد «الورداني» في محاضرته أن الهوية هي شيء لا نصنعه ولكننا نحيا بها، فالتاريخ جزء منها وكذلك المعتقدات والمكان والموقع وصورة الإنسان الجماعية عن ذاته، وهناك شيء آخر مهم في الهوية وهو الجوار فقد يكون الجار عدوًّا أو صديقًا.
وأضاف أن جزءًا من هوية المصريين أنهم محبون للدين على مدار التاريخ، رغم اختلاف الديانات، مشيدًا بالعلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، واعتبر أن سوء فهمنا لذاتنا وغموض الهوية قد يؤثر على مثل هذه العلاقات الطيبة ويعكرها في بعض الأحيان.
وأوضح «الورداني» أن المصريين حولوا الدين إلى برنامج حياة عبر أفعالهم، فهم طوروا وجددوا في معاني الهوية، وقد يتجلى ذلك في موقف بسيط نقابله جميعًا عندما يقوم البائع بتقبيل النقود التي يحصلها في أول اليوم كنوع من الشكر لله، مشيرًا إلى أن البعض يقول إن ذلك بدعة وعبادة للمال، ولكننا نقول له إن في هذا الفعل إعمالاً للكتاب والسنة، لأن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان حين يأتيه أوائل الثمر، يضعها على فمه ثم على عينه ويعطيها لأصغر طفل في المجلس ويقول إنها حديثة عهد بربها.
كما تناول مدير إدارة التدريب بدار الإفتاء علاقة الهوية بالقوى الناعمة، حيث أوضح أن هذه القوة تساهم في الحفاظ على الهوية، وأنه يمكن استخدام الثقافة كنوع من هذه القوى، فكل ما له علاقة بالثقافة والحياة من الممكن أن يستخدم كقوة ناعمة.
وأشار «الورداني» إلى أن المدارس والمساجد والكنائس تعتبر من مؤسسات القوة الناعمة، معتبرًا الأزهر الشريف من أهم تلك المؤسسات التي تحافظ على الهوية والقيم وتنشر الوعى، ومن الضروري بناء شبكات من العلاقات بين الرأي العام والأزهر.. مما يساهم في إعلاء القيم والحفاظ على الهوية المصرية، مؤكدًا أن مؤسسات القوة الناعمة تحصن وحدة البلاد ولا تسمح بتقسيمها.
وأكد أن الأزهر الشريف هو الحارس للقيم التي تملأ الهوية المصرية، فالقيم تتعاضد وتتكامل ولكن لا تتعارض، لافتًا إلى أن الأزهر الشريف بمؤسساته المختلفة ومنها دار الإفتاء يقوم بنشر الوعي عن القيم بمختلف صورها.
وقال: «إنه على مؤسسات القوى الناعمة أن تعمل على مواجهة التهديدات التي تشكل خطرًا على الهوية المصرية، بأن تقوم بنشر الوعي بمكونات الهوية، وكيفية استثمارها وصيانتها، لعدم استبدال المفاهيم الصحيحة للدين وللدولة بمفاهيم أخرى خاطئة».
وأشار أمين الفتوى بدار الإفتاء إلى أنه على الشباب أن يعمل على توليد معارف جديدة في القوة الناعمة وأن يكونوا فاعلين فيها ومتعاونين مع مؤسسات القوى الناعمة.
وطالب الشباب بأن يلتفوا حول مؤسسة الأزهر الشريف لإعلاء القيم والحفاظ على هويتنا، والقضاء على الظواهر الهادمة للقيم، مضيفًا أن الكثيرين يحاولون العبث بالهوية الدينية المصرية التي تتسم بالوسطية والتوازن والاعتدال من أجل تغييرها.
وشدد على أن الدين لا يجوز أن يكون أداة في اللعبة السياسية الحزبية حتى لا يُمزق بين الأحزاب، ولكن الدين هو الحكم والمعيار على كل من يقدم خدمة للوطن فيصحح من أخطأ ويرشد من يريد خدمة هذا الوطن.