يعيش نادي تشيلسي الإنجليزي ومدربه البرتغالي جوزيه مورينيو هذا الموسم شبه انهيار تام للفريق فنيًا وبدنيًا وعلى مستوى النتائج، فبعد سبع جولات يحتل الفريق المركز الـ14 على سلم الترتيب، بثماني نقاط فقط، وخسر هذا الموسم في بداياته فقط أكثر مما خسر طوال الموسم الماضي، والذي خرج منه بكأس الدوري وبطولة «البرميرليج».
ويُحمل الكثير من الجماهير والمحللين المدير الفني جوزيه مورينيو، مسؤولية تراجع تشيلسي هذا الموسم، وهو شيء «نظريًا» يبدو صحيحًا إذا ما نظرنا إلى الخطأ الأكبر الذي ارتكبه المدير الفني البرتغالي في فترته الحالية مع تشيلسي.
ولمعرفة هذا الخطأ يجب أن نسترجع مسيرة المدرب البرتغالي منذ بدايتها وليس بداياته هنا في بنفيكا، الذي رحل عنه بعد نصف موسم بسبب تغير رئيس النادي، الذي قرر تغيير المدرب رغم نجاحه، وليست في ليريا، والتي لم تستمر سوى ستة أشهر، قاد فيها الفريق إلى أعلى مركز في تاريخهم «الثالث»، قبل الرحيل في منتصف الموسم أيضًا للانضمام إلى بورتو في يناير من موسم 2002.
ووصل «مورينيو» إلى بورتو وهو في المركز الخامس لينهي معهم ذاك الموسم السيئ وهم في المركز الثالث، وفي موسمين معهم حصل «مورينيو» على كل شيء حرفيًا، قبل الاتجاه والرحيل إلى تشيلسي، النادي الذي كان يبحث منذ 1996، بداية دخوله المتتالي في المراكز الستة الأولى لـ«البريميرليج»، عن شخصية البطل التي افتقدها.
وفي ثلاث سنوات مع «البلوز» حصد «مورينيو» كل شيء محليًا مع «البلوز»، ولكنه لم يحقق النجاح الأوروبي، ليرحل في بداية الموسم الرابع بسبب خلاف مع رئيس النادي رومان أبراموفيتش وينضم لتدريب إنتر ميلان الذي كان يحقق كل شيء محليًا في تلك الفترة ولكنه كان يعاني أوروبيًا.
وفي خلال موسمين حصد «مورينيو» كعادته كل البطولات التي شارك بها مع «النيراتزوري»، لينتقل بعد ذلك إلى ريـال مدريد، وفي خلال ثلاثة مواسم حصد ثلاث بطولات وأنهى عقدة برشلونة التي كان يعاني منها الملكي حينها ويتفوق على الفريق الكتالوني بكل الطرق الممكنة، والتي وصلت في الموسم الأخير إلى الفوز عليه بتشكيلة من الشباب والاحتياطي، ليعود بعدها إلى تشيلسي ويحقق بطولتين في موسمين.
أما فنيًا فـ«مورينيو» يعتمد على نزعة دفاعية وطريقة «4-2-3-1» أو «4-3-2-1» على حسب المنافس وقوته، ويفضل «مورينيو» طوال مسيرته الاعتماد على 14-15 لاعب بعينهم طوال الموسم، مستغلًا الإعداد البدني الصحيح وقلة الإصابات التي تضرب لاعبيه طوال مسيرته التدريبية بفضل ذلك.
ولكن «مورينيو» في فترته الثانية والحالية مع «البلوز» ارتكب خطأ كبير أدى إلى الموسم الذي نراه لـ«البلوز» حاليًا، فالداهية البرتغالي طوال موسمين أعتمد على 14-15 لاعبًا بعينهم كل موسم، وهناك 11 أسماء مستمرون منذ الموسم الأول يلعبون كل مباريات الفريق بلا استثناء، فلم يتم سوى إضافة الثلاثي فابريجاس، ديجو كوستا وزوما إلى الفريق الموسم الماضي والبقية مستمرون.
وأعتاد «مورينيو» طوال مسيرته تدريب أي فريق لموسمين أو ثلاثة، وهو ما ساعده على الاعتماد على أسماء بعينها طوال تلك السنوات التدريبية، وبعد رحيله دائمًا ما ينهار الفريق الذي كان يدربه، إن لم يجدد من قوام الفريق والسبب أن «مورينيو» يأخذ كل ما يستطيع ويستهلك اللاعبين، وهو السم الذي صنعه ويتذوقه حاليًا بعد أن تذوقه كل خلفائه في الأندية السابقة، فـ«السبيشال وان» لم يعتد أن يستمر طويلًا في كل فريق دربه، فهو يبحث عن التحديات الجديدة دائمًا ولكن في هذه الفترة هو مستمر وملتزم مع «البلوز» بمشروع مستقبلي لم يعمل من أجله.
وشهد «مورينيو» هذا الموسم انهيارًا بدنيًا للأسماء الأساسية ونجوم فريقه، فكان انهيارًا كارثيًا للاعب كـ«إيفانوفيتش»، الذي كان يُهاب الاقتراب من جهته اليمنى فتحول إلى عسكري مرور ينظم مرور لاعبي الخصم نحو مرمى فريقه، وهذا «ماتيتش»، الذي كان سدًا منيعًا في منتصف الملعب، أصبح غير قادر على مد قدمه للوصول إلى الكرة بسبب الإرهاق، كما هو حال معظم الأسماء التي اعتمد عليها «مورينيو» خلال الموسمين الماضيين.
ولم يكن «مورينيو» يرى المستقبل عندما قام بالتخلص من العديد من الأسماء كـ«دي بروين»، «صلاح»، «كوادرادو»، «شورليه» وآخرين لتقليص عدد الأسماء التي يعمل معها، وأنه سيحتاجهم في مثل تلك الأوقات، والتي تحتاج إلى قرار مهم وصعب على «مورينيو».
ولا يبدو أن المدرب البرتغالي يمتلك سوى خيارين ثالثهما الاستقالة، فالأول هو مواصلة العمل حتى يناير المقبل بمجموعته الحالية، وهو هنا يخاطر إما بعودتهم إلى مستواهم وتغلبهم على الإرهاق والعودة إلى الطريق الصحيح، أو مواصلة الانهيار والتدعيم في يناير إن لم يتم إقالته قبلها.
أما القرار الثاني فهو ما لم يحدث سابقًا في مسيرة «مورينيو»، ولكنه اقترب، على حسب تصريحات المدرب نفسه، وهو إبعاد كل نجومه في الموسمين الأخيرين وبدء الاعتماد على أسماء شابة من شباب الفريق وإجراء تغيير جذري في قوام الفريق الأساسي خلاله بقية الموسم، وهو قرار جرىء من الصعب اتخاذه من مدرب كبير لناد كبير يبحث عن المنافسة على الألقاب.