إن كنت قد صفقت لقرار الرئيس بالعفو عن الصحفيين، فأنا معك قد «صفقتُ».. وإن كنت قد رحبت فأنا أيضاً معك قد «رحبتُ» بالعفو الرئاسى.. فقط أتساءل: لماذا كان القرار فى نيويورك؟.. لماذا لم يذهب الرئيس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد عفا عن المحبوسين أصلاً؟.. لماذا لم يُصدر القرار فى القاهرة؟.. ألم يكن الرئيس يعلم بأن ملف الحريات وحقوق الإنسان هو الذى سيجلب وجع الدماغ؟!
هناك فارق كبير بين قرار يصدر من الاتحادية، ومن قلب القاهرة، وقرار آخر يصدر من منصة الأمم المتحدة، تحت ضغط دولى.. سواء كان الضغط سياسياً أو إعلامياً؟.. لا نختلف على أهمية القرار.. ما نختلف بشأنه هو «المكان».. المكان رمز لاستقلال القرار السياسى.. أكرر: أى قرار يصدر من القاهرة، غير قرار آخر يصدر من أمريكا.. هذا هو مفهومى للاستقلال الذى طالبنا به فى ثورة 25 يناير!
وأظن أن الرئيس حين يذهب إلى الأمم المتحدة، وقد أنجز هذه الخطوة، سيكون ذلك أفضل لمصر من إنجازها تحت ضغط دولى.. المسألة هنا كالآتى: هل هناك قناعة لدى الرئيس بأحقية المفرج عنهم بالعفو الرئاسى؟.. أم أنه قدمها ورقة مصرية كدليل على حسن النوايا، فى ملف حقوق الإنسان؟.. القناعة تفرق كتير.. عندها قد يستخدم الرئيس صلاحياته، فى إلغاء أو تعديل قانون التظاهر من الأصل!
قبل أسبوع، أصدر الرئيس قراراً جمهورياً بالعفو عن 100 سجين بينهم صحفيان من قناة الجزيرة.. ولقى القرار ترحيباً محلياً ودولياً كبيراً.. خاصة أنه جاء قبل العيد مباشرة، بما فيه من دلالة رمزية.. فماذا كان يضير الرئيس أن يعفو عن الصحفيين المحبوسين أيضاً؟.. خاصة أن النقابة قد طلبت ذلك عشرات المرات.. ما معنى أن يُحبس صحفى سنوات، مع أن يوماً واحداً كفيل بأن يؤدى الغرض نفسه؟!
السؤال: لماذا نتحرك بعد الضجيج الإعلامى؟.. لماذا لم تعُد الرئاسة أو الداخلية، ورقة بالأسماء المطلوب الانتهاء منها؟.. هل من المنطق أن يستخدم الرئيس حقه فى العفو بعد تدخل دولى؟.. ألم يكن الرئيس يعلم أنه ذاهب إلى نيويورك؟.. ألم تكن الأجهزة المعاونة والمساعدة، تعرف أن هناك عقبة، تتعلق بملف حقوق الإنسان؟.. لماذا لم تتحرك من قبل؟.. لماذا انتظرت، حتى يظهر القرار تحت ضغط دولى؟!
نأتى إلى النقطة الأهم.. هل يعفو الرئيس فقط عمن يسببون له إزعاجاً؟.. أتحدث عن النشطاء والصحفيين فقط.. لماذا لا يصدر قراراً بالعفو عن الطلاب المحبوسين حتى الآن؟.. الإجابة لأنه ليس لهم ظهر ولا سند.. الإجابة لأن الصحف لا تهتم بنشر حكاياتهم خلف الأسوار.. هناك طلاب ثانوى خلف الأسوار، وفى غرف احتجاز غير آدمية.. فلماذا نضيع عليهم عاماً دراسياً؟.. هل الغرض هو العلاج أم التشريد؟!
غير مفهوم أن يصرخ الإعلام المصرى، فلا يستجيب أحد.. وحين يصدر الإعلام الغربى إشارة منه، تستجيب مؤسسة الرئاسة!.. هنا فى هذا المكان، كتبنا عن طلاب وغيرهم.. لا استجابت الرئاسة، ولا استجابت الداخلية.. هل الشيخ البعيد سره باتع؟.. هل نكتب لكم بالقبعة، لتستجيب الرئاسة؟.. مرة أخرى: لماذا من نيويورك؟!