عادة ما تسهم الحفريات في إماطة اللثام عن جوانب خفية من حياة أي كائن منقرض مثل تركيب عظامه وأسنانه ومخالبه وحتى الفراء والبشرة والريش وأعضاء الجسم وربما أيضا آخر وجبة تناولها قبل نفوقه.. لكن التعرف على لون الكائن ظل من الاسئلة المحيرة.
لكن العلماء نجحوا في الرد على هذه الاسئلة بناء على الفحص المجهري لتكوينات الحفريات ما أزاح الستار عن لون صبغات البشرة وكشفوا يوم الاثنين للمرة الأولى عن لون فراء ثدييات منقرضة منها اثنان من أقدم الخفافيش.
كان لون الخفاشين -واسم الأول (باليوتشيروبتركس) والثاني (هاسيانيكتريس)- هو البني المائل إلى الحمرة، وقال «جاكوب فينتر» عالم الأحياء القديمة الجزيئية بجامعة بريستول البريطانية «حسنا فالخفاش بني اللون وهو أمر لا يمثل مفاجأة كبرى لخفافيش عاشت قبل 49 مليون سنة لذا فانها كانت تشبه تماما خفافيش هذه الأيام».
واستعان فينتر بنفس هذه التقنية للتعرف على ألوان الديناصورات والأسماك والبرمائيات وأيضا حفريات الحبار ولون الصبغة التي ينفثها. وورد ذكر هذه التقنية عام 2008 فيما يتعلق بريش من البرازيل مخطط باللونين الأبيض والأسود عمره 105 ملايين عام وأوضح ان ديناصورا مجنحا من الصين اسمه (مايكرورابتور) أو المفترس الصغير كان ينعم بريش قزحي اللون.
وقالت كيتلين كوليري عالمة الاحياء القديمة بجامعة فرجينيا «يعرف علماء الحياء الكثير عن الحيوانات الحية من خلال ألوانها مثل نوع البيئة التي تعيش بها وكيف تحمي نفسها وكيف تنجذب الذكور والاناث إلى بعضها»، واستطردت «لكن نظرا لعدم احتفاظ الحفرية سوى بالنزر اليسير من السجلات تركت مسألة لون الحيوانات المنقرضة دوما لتفسيرات الفنانين فيما كانت المعلومات المهمة المتعلقة بالسلوك أمرا يتعذر الوصول اليه».
عاش هذان الخفاشان على سواحل بحيرة في قلب غابة بألمانيا ثم عكف العلماء على فحص حفريات الخفاشين المحفوظين بصورة بديعة والتي احتفظت بتكوينات تسمى الجسيمات الحاملة للون (ميلانوسومات) التي تحتوي على مادة الميلانين وهي الصبغة التي تعطي البشرة والشعر والريش والوبر والعينين ألوانها وهي تحتفظ بسمات مميزة توضح لون الصبغة، وقال فينتر «الجسيمات الحاملة للون (ميلانوسومات) ذات اللون البني المائل للحمرة تكوينات دقيقة قطرها نحو 500 نانومتر فيما ان الميلانوسومات السوداء ذات شكل يميل للاستطالة طولها ميكرون».
والنانومتر وحدة لقياس الأطوال تستعمل لقياس الأطوال القصيرة جدا ًوتمثل جزءا من مليار جزء من المتر أما الميكرون فيعادل جزءا من مليون جزء من المتر، ونشرت نتائج هذا البحث في دورة الأكاديمية الوطنية للعلوم.