في حوار عيد ميلاده الذي نشر في عدد الأحد الماضى من «الأخبار»، يقول هيكل: «كان لابد من وصول الصحافة لما وصلت إليه، ودعنى أقول بوضوح إن كانت الصحافة تريد إعانة من الدولة، فإن هذه الإعانة تفقدها دورها واستقلالها، بل تفقدها مبرر وجودها».
وهذا صحيح تماماً، ولكن أليس الوضع الحالى نتاج تأميم المؤسسات الصحفية عام 1961، بعد 50 سنة ويزيد، والذى أطلق عليه الأستاذ «تنظيم» الصحافة، وكأنها اشتكت من «الفوضى». لقد رشحت نفسى لعضوية مجلس نقابة الصحفيين عام 1987، وطالبت في برنامجى المطبوع بإعادة المؤسسات الصحفية إلى أصحابها، أو «خصخصتها» حسب التعبير الشائع الآن. وأذكر أن الأستاذ أحمد بهاء الدين قرأ البرنامج في حديقة النقابة، التي كانت، وقال لى «أول مرة أقرأ برنامجاً لضمان السقوط»!
وتعليقاً على مقال الأربعاء الماضى حول الحوار الذي نشر في «الأخبار» أرسل الدكتور يحيى نور الدين طراف يقول «لا أعتقد أن هيكل وأصدقاءه كانوا يعلمون أن حوارهم عرضة للتسجيل والتوثيق والعرض على الرأى العام، فهو حوار بدأ بالتأكيد Off The Record، وإلا لكانوا أخرجوه أكثر توازناً بين الماضى والحاضر كما كنت تتمنى، وما كان ليفوتهم هذا». والمؤكد أن الدكتور طراف لم يقرأ الحوار المذكور، فقد تضمن أن هناك اتفاقاً مسبقاً لنشره، وصورة للقعيد وهو يسجله بقلمه، بل ويقول القعيد إن عدم نشره كان جريمة، وينتهى بقول هيكل له إنه سوف يؤجل سفره ليقرأ الحوار عندما ينشر في الغد.
ويواصل القارئ المثقف والكاتب المدقق «دعنى أتناول موضوع استحضار عبدالناصر اليوم من زاوية أخرى، فلا أحد يريد استنساخ سياسة وأخطاء مرحلة ولت وذهبت، لكننا نريد استنساخ الروح القومية والوطنية التي سادت فيها من القمة إلى القاعدة، نعم، الإرهاب يحاصر مصر من كل حدودها كما ذكرت، والشهداء يقدمون أرواحهم دفاعاً عنها كل يوم، والدولة تواجه تحديات جسيمة على كل الأصعدة، لكن المشكلة الحقيقية في رأيى، والتى تفرض استدعاء سيرة عبدالناصر، هي ضياع هيبتها التي هي سلاحها قبل السلاح، وزادها قبل المال، ومصدر الروح الوطنية فيها».
ويختتم رسالته قائلاً «مصر رغم هزيمتها، ظلت على هيبتها وهيبة زعامتها، وللعلم كان الأسطول السادس يعد للقيام بمناورات كبيرة قبالة سواحل الإسكندرية، حيث قال الرئيس الأمريكى نيكسون لرجاله (حتى ينصت ناصر لصوت المدافع الأمريكية)، فلما بلغه نبأ رحيله، ألغى المناورات احتراماً له، هذا ما نريده اليوم من دولتنا، الهيبة قبل السلاح، والاحترام قبل المال، وأدعوك لتراجع مشهد مباراة نهائى كأس مصر لكرة القدم لتدرك ما أعنيه بغياب هيبة الدولة: نهائى بلا جمهور كالعادة لعجز الدولة، وحكام أجانب لست أدرى لماذا، وفوضى عارمة في تسليم الجوائز، فلم تسلم، ومندوب رئيس الدولة واقف لا حول له ولا اعتبار، ومعه وزير الشباب وسط الزحام والألفاظ والممارسات غير الرياضية».
ومع تأييدى لرأى الدكتور طراف، أود أن أضيف أن هيبة الدولة في مصر تراجعت مع انتشار العشوائيات والفساد في أواخر عهد مبارك، ثم ضاعت تماماً مع حكم سنة الإخوان، وأن الرئيس السيسى يستعيد هذه الهيبة الآن بسياساته في الداخل والخارج، وسوف تتم استعادتها كاملة بعد الانتصار في معركة سيناء.