x

عمرو الليثي من عرفات الله عمرو الليثي الجمعة 25-09-2015 21:16


ما أصعب تلك اللحظات عندما تشعر بأن الله سبحانه وتعالى قد نزل إلى السماء الدنيا في يوم عرفة.. ليباهى الملائكة بعباده المخلصين الذين جاءوا من كل فج عميق ليذكروا الله ويستغفروه ويدعوا بالتوبة والمغفرة.. وقفت بعرفات وقد اعتصرنى الخوف.. كيف تلاقى ربك وتدعوه وكيف تواجهه سبحانه وتعالى وأنت ملىء بالذنوب التي قد أثقلت كاهلك؟.. إنها أصعب اللحظات التي عشتها وأنا أقف على جبل عرفات.. الوجوه شاحبة.. والأنفاس معدودة.. وقطرات الدموع تنسكب على الوجوه كالسيول.. والأيدى مرفوعة إلى السماء تتمنى العفو من الله، تتمنى أن يقبل الله توبتها.. الجميع موقن أنه قد غفر له امتثالاً لقول الرسول، عليه الصلاة والسلام، من حج ولم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه، الجميع يطمع في رحمة الله.. لا فرق بين غنى وفقير ولا أبيض وأسود ولا رئيس ومرؤوس.. الجميع يرفع أكف الضراعة طالباً المغفرة والعفو والعافية في الدين والدنيا.

ما أصعب تلك اللحظات التي يتوحد فيها العبدمع خالقه ناسياً ملذات الدنيا.. ناسياً أمواله وأولاده.. لا يذكر إلا الله ولا يخشع إلا لله.. خرست الحناجر ولم تعد تتلو إلا آيات الله وذكر الله.. لم أعش في حياتى لحظات كهذه.. شعرت بأن الله قريب لى ولكل أهل عرفة.. ملايين البشر تتزاحم وتتواجد في كل بقعة من بقاع عرفة.. لا يشغلها سوى ذكر الله والأماكن الضيقة انفرجت لتتسع ملايين المؤمنين الذين جاءوا من كل فج عميق منادين وملبين: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.. إنها أحب اللحظات التي يمكن أن تمر على الإنسان، والتى يصعب حتى على القلم أن يوصفها، إنها يمتزج فيها الأمل في العتق من النيران ورحمة الرحمن مع جلد الذات على كل ما ارتكبت من معاصٍ.. على كل تصرف نهى الله عنه.. ما أصعب تلك اللحظات التي يصحو فيها الضمير الإنسانى ويفيق من غفوته على واقع.. إن يوم عرفة أشبه بيوم القيامة.. انتابنى الشعور بأن يوم القيامة قد جاء وأن الله سبحانه وتعالى قد تجلى للسماء الدنيا.. والجميع يلبس الملابس البيضاء.. منتظرين أن تنادى علينا الملائكة الواحد تلو الآخر.. وعندما شعرت لحظة بيوم القيامة وبأن يوم عرفة شبيه به مع الفارق الكبير.. شعرت بمدى دونية الحياة، وشعرت بأن الملذات لا تساوى شيئاً، وأن علينا أن نعيد تقييم حياتنا وأن ندرك أن الآخرة خير وأبقى من الحياة الدنيا، وأدركت عظمة الله سبحانه وتعالى ورحمته بعباده المخطئين.. وكما ارتسمت في مخيلتى صورة يوم القيامة ونحن نقف على جبل عرفات.. شعرت بلذة الآخرة وما أهنأ هذا الإنسان الذي سوف تناديه الملائكة يوم القيامة لدخول الجنة، وما أتعس هذا الإنسان الذي سوف يكون مصيره النار.. حكيت في نفسى أن تتوب وتعود إلى صوابها طامعاً في رحمة الله وعفوه، قائلاً ومنادياً اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنى.. اللهم أعد علينا حج بيتك الكريم وزيارة بيتك العظيم واكتبنا مع المقبولين في عرفات.. وكل عام والأمة الإسلامية بخير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية