x

عاصم حنفي فى أصول اختيار الوزراء الجدد عاصم حنفي الثلاثاء 22-09-2015 21:10


لا أوافق على إقالة الوزير.. الحل أن نعقد له امتحان إملاء.. فإذا نجح استمر وزيراً.. وإذا رسب نعقد له «ملحق» قبل أن يعيد السنة.. وسقطة الوزير تعبر عن الحال المائل الذي نعيشه الآن.. والأمية الهجائية ولن نقول الثقافية وصلت للوزراء والمسؤولين.

وذات يوم في امتحان الدبلوماسيين الجدد الذي تقدم له العشرات من الحاصلين على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.. قال الطالب الذي يسعى لتمثيل بلاده في المحافل الدولية.. قال في ورقة الإجابة إن نجيب محفوظ وزير في الحكومة.. وقال آخر إن الأستاذ جمال عبدالناصر حائز على جائزة نوبل في الكيمياء.. وقال ثالث إن مفجر ثورة يوليو 52 هو الزعيم أحمد زكى.. واسألوا الدكتور مصطفى الفقى الذي كان مسؤولاً عن امتحان وتدريب الدبلوماسيين الجدد..!

وأجمل من في الوزارة الجديدة هو حلمى النمنم الذي جلس على كرسى وزارة الثقافة.. النمنم مثقف حقيقى وفاهم لشغله.. تدرب في موقعه لسنوات كثيرة عندما تولى هيئة الكتاب وقبلها رئيساً لدار الهلال.. والأهم من ذلك كله أنه قارئ ممتاز.. وهناك من الوزراء من لم يقرأ كتاباً واحداً خارج المقرر طوال حياته..!!

مشكلة القادة والسياسيين كالوزراء وأعضاء البرلمان.. أنهم يأتون من الدار للنار دون فترة تدريب وإعداد.. وفى بلاد الخواجة لا يأتى المسؤول بهذه الطريقة.. ولابد حتماً أن يلتحق بمعهد خصوصى لإعداد القادة.. يدربونه على وظيفته الجديدة.. يعلمونه فن إدارة الأزمات وحل المشاكل.. ومن المؤكد أنهم يعطونه دروساً خصوصية في الإملاء.. لأنه من غير المعقول أن تكون وزيراً للتعليم وتخطئ في مبادئ النحو والصرف وأصول أبجد هوز!!

في فرنسا يلتحق الوزراء وأعضاء البرلمان بكلية «سان إيتان» لتدريبهم على أصول الشغل.. ومبادئ التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعلوم الإنسانية.. بل ويدربون الدارسين على فن الارتجال والكلام دون ورقة في موضوعات مختلفة بعيدة عن تخصص الدارس.. وبشرط أن يكون كلامه موزوناً وعاقلاً لا يسبب الملل أو الزهق.. يتحدث الدارس عن علم الزراعة مثلاً.. والتى لا يعرف عنها شيئاً لكنه يتحدث في عموميات حولها دون أن يتلعثم أو يلخبط في الكلام.. أو يخطئ في مبادئ اللغة التي يتحدث بها.

أقصد أن القيادة فن ودراسة وإعداد وتدريب.. وليس شرطاً أن تكون متمرساً في شغل السياسة.. المهم أن تجيد التعامل الهادئ مع المشاكل والأزمات.. وفى بلاد الخواجات يختارون المرشح للوزارة والبرلمان على هذا الأساس.. وهو ما يفسر تولى الوزير المدنى لوزارة الدفاع أو الداخلية.. و«لوران فابيوس» وزير الخارجية الفرنسى تولى رئاسة الوزراء في سن التاسعة والثلاثين.. ثم تولى بعدها وزارة الداخلية قبل أن يصبح وزيراً للخارجية.. هو يتولى المنصب سياسياً دون أن يكون خبيراً أو تكنوقراط.. والفضل لاختراع يعرفونه اسمه وكيل الوزارة العارف العالم الخبير بكل الملفات الفنية..!

لا يساهم الأمن في البلاد الديمقراطية في اختيار الكوادر وتضبيطهم.. لأن الأمن لا يهمه سوى الضبط والربط وخلو صحيفة السوابق من الجنح والجنايات.. الأمن يهمه ولاء المرشح وسماعه الكلام وتنفيذ المطلوب دون نقاش.. وحاجة غريبة يا أخى.. كل اختيارات الأمن مرفوضة جماهيرياً.. وكأن هناك حالة من العداء بين الأمن وبين الناس.. فيختارون لهم من يكيدهم من المرشحين الوزراء.. والأمن هو الذي اختار الوزير الذي فتح مخه في الوزارة.. وهو الذي اختار الوزير الذي لم يفتح الله عليه بجملة مفيدة طوال عمله الوزارى.. والأمن هو الذي يختار ويتدخل ويعدل في القوائم الانتخابية التي تهل علينا بمناسبة موسم الانتخابات.. وأحياناً يتدخل الأمن لاختيار رؤساء الأندية الرياضية والترويج لهم عند الناس!!

ذات يوم قرأت دراسة سيكولوجية مهمة أعدها الدكتور عكاشة فيما أحسب.. تؤكد أن هناك حالة من اللخبطة العقلية والارتباك النفسى بين المسؤولين والنواب الذين أمضوا سنوات طويلة في الظل.. وأن هناك خللاً واضحاً في الأداء وأنهم يعانون ميولاً استعراضية.. ولديهم انجذاب فوق العادة لكاميرات التليفزيون وميكروفونات البرلمان.. وبسبب أن كلامهم العادى يتحول لمانشيتات في الجرائد.. والنصيحة الذهبية لهؤلاء هي الذهاب للطبيب النفسى لعلاجهم سيكولوجياً من المشكلات العقلية.. وقد تعرضوا لتغيير كامل في نمط حياتهم وقد أصيب بعضهم بداء الغرور بعد أن صاروا في السلطة والحكم.. والطبيب النفسى ضرورة إذن لفك العقد والكلاكيع وحتى تستقر أحوالهم النفسية.. وحتى تستفيد الحكومة والمعارضة من التوازن المطلوب.

وللأمانة العلمية.. نحتاج نحن الجمهور والمشجعين للذهاب أيضاً للطبيب النفسى، وقد أصابنا التوتر وركبنا العصبى عند مشاهدة هؤلاء الجدد.. فرحنا نحصى لهم الأخطاء.. ونقف لهم على الواحدة.. وعذرنا «أن في وجهنا نظر» ونحن نرى وجوهاً تختلف. وقد تعودنا فأدمنا رؤية الوجوه القديمة.. تعودنا على طلعتهم البهية وحفظنا عاداتهم وعرفنا سلوكهم واستوعبنا ما يغضبهم وحفظنا ما يفرحهم من طول العشرة التي لا تهون سوى على الكافر وابن الحرام.. وعلينا إذن بالتعامل الحذر مع هؤلاء.. ولا تنس أبداً أنهم الحكام وسوف يمسكون لنا العصا.. ولو قرأت وجوههم لرأيت علامات التوثب والتوتر.. فالزم حدودك وحتى لا يضعك واحد منهم في مخه.. والوزارة الطازة كما الغربال الجديد.. فالتزم يمين الطريق واقعد في بيتك أو اعتزل مهنة الكتابة.. وكل ما يعجبك وهلل للوزير الذي يعجب الناس.. حتى لو كان ضعيفاً في أصول اللغة العربية.. ومبادئ جدول الضرب..!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية