الحملة التى يخوضها البعض ضد حزب النور (وإخوته) باعتباره حزباً دينياً، هى حملة مغلوطة، فرغم أن تداخل الشأن الدينى فى السياسى هو أمر مرفوض لما فيه من قتل المنافسة السياسية، وشبه التفريق بين المواطنين على أساس دينى، إلا أن هذه الحملة ترد عليها عدة ملاحظات تجعلها مرفوضة.
أولا: أن الحملة لا يمكن اعتبارها إلا حملة سياسية، بمعنى أنها ليس لها أهداف أيديولوجية أو مبدئية، وآية ذلك أنها حملة بدأت منذ عدة أسابيع بعدما شرعت السلطة فى تنفيذ الاستحقاق الانتخابى. وبطبيعة الحال، يقلل هذا من شأن الحملة ويجعلها لا تقارن على سبيل المثال بما تبناه الدكتور أسامة الغزالى حرب من موقف مبدئى منذ أكثر من عامين لرفض وجود النور وأخواته، ويومها لم يجد الرجل من يقف معه!
ثانياً: أن تلك الحملة توجه لمن ليس له صفة، بمعنى أنها يجب أن تلجأ إلى من جاء بالنور إلى المشهد السياسى فى 3 يوليو 2013. صحيح أن الإخوان المسلمين دعوا إلى هذا الاجتماع، لكن الإدراك العام من الداعين لهذا الجمع أن الإخوان (بذكائهم المعهود) سيتغيبون عن الحضور. ومن ثم فإن على الحملة أن تتجه لمن استحضر هؤلاء وليس لهؤلاء.
ثالثاً: أن السبب الذى استحضر النور إلى المشهد السياسى فى يوليو 2013، والذى يعتقد أنه توافر بديل عن التيار الدينى السياسى الرئيس فى مصر وهم الإخوان المسلمين، هذا السبب يعتقد أنه لايزال قائماً وحاضراً بقوة، ولم يفتر زخمه. ومن ثم فإن الخلاص من النور الآن يربك المشهد ويخلط الأوراق.
رابعاً: أن الخروج المفاجأ للنور وأخواته فى الوقت الراهن سيؤدى لحالة من الإحباط السلفى العام، وكأن لسان حال هؤلاء لا نحن وقفنا إلى جانب الإخوان وكنا معارضة قوية، ولا قبلنا من جانب الأغلبية. قد يفضى هذا الأمر للنزول تحت الأرض، وممارسة العنف.
خامساً: أن الحملة القائمة تعتمد على المنهج الثورى فى التغيير وهو التوقيعات الشعبية، وهو أمر يتباين مع المنطق الدستورى القائم منذ يناير 2014 على احترام مؤسسات الدولة، بالاحتكام إلى القضاء، واحترام الإرادة الشعبية المعبر عنها فى صناديق الانتخابات.
سادساً: أن الحملة القائمة الآن تضر أكثر مما تفيد، فالقائمون بها يعلمون علم اليقين أن الناخب المصرى يصوت للمستضعف ومن يملأ الدنيا ضجيجاً بأنه مضطهد، وهو ما يحاول النور وأخواته فعله قبل الانتخابات.
سابعاً: أن الحملة الراهنة تعبر عن إفلاس الأحزاب المدنية، فبدلا من أن تناضل بالتفاعل مع مشكلات المواطنين، ولو كالنور الذى يرتكب أخطاء بغية نجاحه فى تحقيق هذا التفاعل، نجدها قابعة فى العاصمة، ويناضل نخبتها بالإعلام الفضائى.