الاعلانات تروج للمفاجآت السارة، والواقع يؤكد أنها اكذوبة ودعايات للتسويق والترويج للسلع، المفاجآت السارة الحقيقية أصبحت غائبة عن حياتنا، لا أحد يصدق انها ستأتى يوما، اصبح غاية أملنا أن لانسمع خبر سىء يزيد رداءة حالتنا المزاجية.
جاء تشكيل حكومة شريف إسماعيل اعتياديا، لايشعرك ان ثمة مفاجأة سارة في الطريق، حكومة تسير في نفس المسارات السابقة، جميعنا، وأنا أولهم، نتمنى التوفيق لرئيس الوزراء الجديد كما كنا نتمناه لسلفه المهندس إبراهيم محلب، الذي اجتهد على قدر طاقته وإمكانياته ولم يدخر وسعا لينفذ ما تصوره أنه الأفضل لخدمة بلده، بعد أن تم الاعلان عن التشكيل الجديد، لم يدهشنى أي من الأسماء المكلفة، حتى االدكتور أحمد زكي بدر، وزير التنمية المحلية الجديد، فهو شخص يتوافق مع التوجهات العامة للدولة.
أحيانا، أشعر برغبة جارفة في الخروج عن الاعتياد والتفكير بمنطق الأمنيات، واتساءل ماذا لو قلدنا الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو؟ فهو ا اعلن منذ عامين عن تأسيس أول وزارة للسعادة في العالم، أطلق عليها اسم “وزارة السعادة الاجتماعية لشعب فنزويلا”، تهدف إلى توفير احتياجات المواطنين من كبار السن وتنفذ برامج الرفاهية الاجتماعية، لا أحد يعرف على وجه الدقة مصير وزارة السعادة الفنزويلية، ولكنى افكر :لوحاولنا في مصر أن نشكل وزارة للسعادة سننجح أم سندخل كالعادة في متاهة تعريف السعادة ؟
أصبحنا نعيش حالة من البلبة، جدل عقيم في غياب المفاهيم والرؤية، وكأننا نتحدث بلغات مختلفة عصيّة حتى عن الترجمة، وهو ما يؤدى لحالة من الإحباط والاكتئاب العام جعلتنى بالفعل أتمنى لو نفذنا مشروع وزارة للسعادة، فرصيدنا الهزيل منها أوشك على النفاد، انظر حولك ستجد حالة من التذمر الخفى والكآبة وعدم الرضا.
الباحثون وعلماء الاجتماع وضعوا معايير ومؤشرات لقياس سعادة الأمم منها :الاقتصاد،، أسلوب الحكم، مستوى التعليم، الرعاية الصحية، السلامة والأمن، الحريات الشخصية، رأس المال الاجتماعى، معدل الدخل القومي للفرد ،حرية الرأي والتعبير ،وانخفاض معدل الفساد ،البيروقراطية، فرص العمل ...الخ
هذا العام احتلت سويسرا المركز الأول عالمياً،تليها ايسلندا والدانمرك والنرويج، دول تتكرر اسماءها على مدى سنوات في مقدمة الدول السعيدة، من المؤشرات الهامة للسعادة عند النرويجين التي لفتت انتباهى أن 74% من المواطنين يثقون بغيرهم من المواطنين، كما يثقون بحكومتهم وهو ما نفتقده في هذه الفترة، فموجة التشكيك والتخوين وعدم الثقة أصبحت مثل تسونامى يعصف بتاريخ المصريين الطويل مع تقبل الآخر والتسامح والطيبة.
فلا يمكن للفرد والمجتمع الشعور بالسعادة مع وجود إحساس بعدم الأمان والثقة في المحيط الاجتماعى وأيضاً الأمل في الغد، الجميع لديه أمانى وتطلعات مؤجلة ولايعرف متى ستتحقق.
على المستوى العربى، تحتل دولة الامارات العربية الشقيقة المركز الأول بالنسبة للدول الأكثر سعادة، وهذا العام سوريا، الله يعين شعبها، هي الأقل سعادة على مستوى العالم العربى.
مصر أصبحت تحتل مركز متأخر بين الشعوب العربية والعالمية بالنسبة لمؤشرات السعادة، السنوات التي تلت ثورة يناير، كان عنصر الأمن والأمان مفتقدا عند المصريين، وهو شعور سىء يورث القلق والهم، هناك تحسن ملموس في هذا الاتجاه، الدولة المصرية تتعافى ببطء ولكنها عاقدة العزم على تأمين شعبها وتوفير الأمان له وكذلك حماية حدودها.
رغم الكثير من المنغصات والمحبطات، عندى أمل في بكره، وأتمنى أن تضع الحكومة الجديدة سعادة الشعب المصرى ضمن اهدافها، نحن شعب يتمتع بمرونة كبيرة، تجعله مؤهلا للفساد وكذلك قادرا على الاصلاح، ويتوقف الأمر على من يحكمه.
الدولة ممثلة في رئيسها اعلنت الحرب على الفساد، وان صلحت النوايا، وبدأت الحكومة في تنفيذ اجراءات فعالة وحازمة لمحاربة الفساد، فلابد ان يلمسها الشعب، ويكون عليه الدور في تعديل سلوكه....وان حدث ذلك سيكون لهتأثير مباشر وسريع على الناس بواحساسهم الرضا والعدالة والسعادة.