x

طارق عباس عزيزى المواطن طارق عباس الجمعة 18-09-2015 21:04


عزيزى المواطن، أنا وأنت شىء واحد في بلد واحد، نشرب من نيل واحد ونتحدث لغة واحدة، وتحكمنا قيم واحدة، والأهم من ذلك كله نعبدرباً واحداً عليماً بما في الصدور، لذلك اسمح لى أن أكون معك صريحا أعاتبك، فلا تغضب وأنصحك مخلصا علنا نتجاوز أنا وأنت تلك التحديات التي تواجهها مصر في تلك المرحلة العصيبة، صدقنى لن تتحرك خطوة واحدة إلى الأمام على أقدام غيرك ولن تحفظ أمنك وأمانك بيد غيرك ولن يحترمك العالم ويعمل لك أي حساب ما دمت في انتظار غيرك ليقرضك ويطعمك ويبنى مؤسساتك ويربت على كتفيك كى تعمل بجد وتكسب نفسك ولقمة عيشك وتحيا حياة كريمة تليق بآدميتك، فأنت صاحب هذا الوطن ومن سيجنى ثمرة نجاحه إن نجح وخيبة الأمل إن فشل لا قدر الله، صدقنى لم تعد المشكلة في رحيل حكومة زيد ومجىء حكومة عبيد وانتخاب الرئيس فلان بدلاً من الرئيس علان واستبدال نظام حزب كذا بنظام حزب كذا، المشكلة باتت فيك أنت، لأنك لم تعد قادرا على تحديد أولوياتك وخطواتك.. أين تقف؟ ومع من؟ وضد من؟ وما القاعدة التي ستبنى عليها؟ وعلى أي أساس؟ وأستأذنك في أن أحيلك لأمور تتناقض فيها مع نفسك ومع منطقك وتبدو غريباً على كل من يحاول أن يفهمك، تردم النيل وتلقى فيه النفايات وتستخدم أسوأ الأعلاف في تربية الحيوانات وتلقى القمامة في الشارع وتلوث البيئة وتتوسع في العشوائيات وتتحايل على القانون لتبنى على الأرض الزراعية ثم تشكو قلة الغذاء وزيادة تفشى الأوبئة والأمراض، تتفانى في البحث عن قطعة سلاح وتنقب عن الآثار وتهدم المبانى التاريخية وتبنى المزيد من الأدوار فوق أبنية متهالكة أو شبه متهالكة وتقدم الرشاوى لموظفى الأحياء وتمردغ كرامة القانون تحت أقدام أطماعك ثم تصرخ.. أين سيادة القانون؟ تحرض ابنك على عدم الذهاب إلى المدرسة وتعطيه دروساً خصوصية تدفع فيها دم قلبك وتعوده الاعتماد على الآخرين والتكيف مع ثقافة التلقين ثم تصف التعليم بالفشل والمدرسين بالجشع، حتى انحيازاتك أصبحت متقلبة كتقلب الزمن، بالأمس رأيت في البرادعى أيقونة ثورة 25 يناير والمحرض عليها واليوم تصفه بأنه عميل للأمريكان والإخوان، بالأمس كان حمدين صباحى في عيونك مرشح الثورة والثوار واليوم انتهازى راقص على كل الحبال وممسك بالعصى من المنتصف.

بمنتهى الصراحة أنت يا أيها المتذبذب المتردد المتناقض المتسرع في القرارات والأحكام كلمة السر فيما تعيشه مصر الآن من مآسٍ ومحن وبلاوى وكوارث وكل مفردات الخيبة بالويبة، لماذا، لأنك تفكر بناء على ما تقتضيه مصالحك لا ما تفرضه مقتضيات اللحظة، ولا بد من أن تتغير لكى تتغير مصر، لا بد من أن تتحرر لكى تتحرر مصر، لا بد من أن تتعرف على مكامن التميز في نفسك لكى تفجر طاقات مجتمعك وتدفع بالوطن لآفاق رحبة من التطور والازدهار، لا يعقل أن تبحث عن الأمن وأنت تخون كل الناس، وتبحث عن الاستقلال وأنت أسير منة الآخرين وهباتهم ومنحهم، لا يعقل أن تدافع عن الحقيقة وأنت بلا موقف وتقتل الخبرات ثم تفتش عنها وتهين القدوة بزعم تمسكك بالحرية.

لا يعقل أن تعيش في وطن دون أن تؤمن بما لهذا الوطن من قيمة ولا تنس أن الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة، ولا تنس قول عبدالرحمن الحاشر: (الوطن أجمل قصيدة شعر في ديوان الكون.. الوطن هو السند لمن لا ظهر له وهو البطن الثانى الذي يحملنا بعد بطن الأم، الوطن هو الحليب الخارج من صدر الأرض الوطن هو الحب الوحيد الخالى من الشوائب، حب مزروع في قلوبنا ولم يصنع، الوطن لا يتغير حتى لو تغيرنا، باق هو ونحن زائلون، الوطن المدرسة التي علمتنا التنفس الوطن قلب نبض شريان عيون) الوطن هو أن يعيش فيك الوطن لا أن تموت دون أن يذكرك الوطن.

ملحوظة: سبق أن نشرت هذا المقال 24 – 8 -2014 وأعيد نشره الآن لأهميته في هذه المرحلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية