x

جيهان فوزي العلم 195 جيهان فوزي الجمعة 11-09-2015 21:32


عندما تخونك الكتابة، ويتخلى عنك التعبير لتخط مقالا ربما يفرغ حملا ثقيلا عن كاهلك، وربما يضفى معلومة كانت مختبأة بين تفاصيل أحداث متلاحقة , لا تترك مجالا لالتقاط الانفاس , تجد نفسك عالقا بين حيرتين حيرة الاختيار الأمثل لما ستكتبه , وحيرة البحث عن الجديد بين سطور الأحداث .

طوال الاسبوع المنصرم لم يكن هناك حديث في وسائل الاعلام المختلفة إلا الحديث عن قضية الفساد الكبرى في وزارة الزراعة وسقوط رموزها وتداول أسماء أخرى أثارت ردود أفعال كبيرة في أوساط الرأى العام، وهمس بالافصاح عن قضايا فساد أخرى وسقوط رموز فساد أخرى تتقلد مناصب رفيعة في الدولة، والتلميح بتغيير عدد من الوزراء والمسؤولين , هذا فضلا عن تداعى صورة الطفل السورى الكردى «إيلان» وما تركته من صدمة لدى شعوب العالم كل عبر عنها بطريقته .

إذن لم يعد لدينا رفاهية اختيار الأحداث ومتابعة ما يروق لنا منها، بل أصبحت تفرض علينا فرضا، العالم مليئ بالضجيج.. الاخبار المزعجة يوميا وفوضى الأحداث المتلاحقة والمتشعبة هنا وهناك , من معاناة لاجيئ سوريا إلى العمليات الارهابية في سيناء , إلى المفاوضات النووية بين ايران وامريكا , إلى مظاهرات «طلعت ريحتكم» الجارية في لبنان , إلى الحرب التي يشنها التحالف ضد الحوثيين في اليمن , إلى داعش وفجورها في العراق ..ألخ .

وسط هذا الكم الهائل من الأخبار التي في مجملها كارثية ومثيرة للاحباط، تراجع الحديث عن القضية الفلسطينية ولم يعد هناك متابعة لما يدور في فلكها، وكأنها أصبحت من قضايا اليأس العالقة في الأذهان بحكم الضرورة , غير أن حدثا مثل رفع العلم الفلسطينى في مقر منظمة الأمم المتحدة الذي أقرته ووافقت عليه الجمعية العامة بأغلبية ساحقة- ورفضته اسرائيل بطبيعة الحال- أسوة بالدول الأخرى جدير بالاهتمام والتعليق , إذ تعد هذه الموافقة انتصارا دبلوماسيا لمساعى الفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة التي يطالبون بها ضمن حدود عام 1967 منذ أكثر من عشرين عاما , حين تم التوقيع على اتفاق اوسلو عام 1993 , وقدر حينها زمن التفاوض للوصول إلى حل نهائى بخمس سنوات لا زالت مستمرة حتى حينه !!

وتعنى هذه الخطوة بالنسبة للفلسطينيين الكثير ستليها خطوات كثيرة أخرى، أهمها اللجوء إلى المحكمة الدولية في لاهاى لمحاكمة مجرمى الحرب، ما يعنى دخول اسرائيل وقادتها دوامة المحاكمة ووقوعهم تحت طائلة القانون الدولى والتعقب الجنائى من محكمة لاهاى الدولية كمجرمى حرب وهذا جل ما تخشاه اسرائيل وتحارب من أجل عرقلته .

رفع العلم الفلسطينى كدولة مراقب فوق مبنى الأمم المتحدة بالنسبة للفلسطينيين، ليس مجرد رسالة رمزية أو معنوية، بل هي تصويت من الدول ضد مخططات الحكومة الاسرائيلية في بناء المستوطنات , والاملاءات وفرض الحقائق على الأرض , وهذا يعيد إلى الذاكرة معنى رفع العلم المصرى على الضفة الشرقية من قناة السويس عام 1973 , ومعنى ودلائل رفع العلم الامريكى في «ايوجيما» في المحيط الهادى أثناء الحرب العالمية الثانية , هذا خلافا لما يعنيه لفلسطين على وجه التحديد ليصبح العلم 195 أسوة بباقى دول العالم .

رفع علم فلسطين على أسوار الأمم المتحدة، ربما يكون مقدمة لتحقيق حلم ونبوءة الرئيس الراحل ياسر عرفات بأن يرفعه طفل فلسطينى على أسوار المسجد الأقصى والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية قريبا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية