x

سيلڤيا النقادى الجميل والردىء والقبيح سيلڤيا النقادى الجمعة 11-09-2015 21:22


أغاية الدين أن تحفوا شواربكم... يا أمة ضحكت من جهلها الاممُ (أبو الطيب المتنبى)

أتجول فى شوارع القاهرة.. ضواحيها.. أزقتها.. ربما حواريها كثيراً هذه الأيام.. أحياناً من أجل- فقط - التسكع.. التسوق.. الفرجة.. أو المصلحة... لست سائحة.. ولا مغتربة.. لا أنا منعزلة.. أو «فافى» كما يقولون.. أو قادمة من برج عاجى.. أو..أو.. أو... إلخ.. أنا فقط مواطنة.. مواطنة مصرية من أصل صعيدى عميق الجذور والتاريخ، محبة لبلدى حتى النخاع، أقدس أرضها وأعشق ترابها وأستنشق هواءها الملوث بحب - والأجر على الله - تسألنى إذن ماذا بك؟؟ أقول: كرهت قبحها.. سئمت قذارتها.. طفحت الكيل من مجاريها.. تلوث نظرى من مبانيها وسمعى من ضوضائها.. سئمت عشوائيتها.. ولم أعد أحتمل كل هذا الذوق القبيح المنفر الذى يحيطنى من كل جانب وأنا أرى هذا السيل المندفع من المتاجر والمطاعم والمقاهى والمحلات والمكاتب المتشاجرة مع الأضواء والأنوار والألوان واليافطات والقطط والكلاب والزبالة والرتش والهدم والبشر والباعة والصويت والصراخ والمكيفات وعربات الكارو والأحذية وملابس حمادة والشاورما والفول والبنك الأهلى والفورسيزونز وحضرموت بتاع الخرفان!! والكاوتش والعيش والصف الثالث والرابع من السيارات.. وڤاترينات الملابس الداخلية والرصيف المكسر وديكورات المتاجر البلهاء وحبل الغسيل.. وفانيلات الرجالة وعربات اللب والسودانى والذرة والترمس ومعاهم الزبالة حبنا الأول والأخير الذى لا نستطيع الحياة بدونه – نموت يا جماعة.. نموت بعدين!!!!..إيه ده!!!! ما هذا التهريج البهلوانى السيركى الذى أصبحنا نعيش فيه، نقبله.. لا.. بل يبدو أننا أصبحنا نحبة ونعشقة.. أصبح جزءاً منا ومن ثقافتنا.. لا نرى عيبا أو قبحاً فيه.. يا ناس الدنيا فعلا أصبحت مثل السيرك... اختلط الحابل على النابل بل وفرض نفسه.. فرض قبحه وذوقه علينا كلنا على مسمع ومرأى وزارات وهيئات ومسؤولين ولا أحد يتحرك!!! ولا أحد يهتز.. شاطرين بس تقولوا فساد ومش فساد!!! هو ده الفساد بعينه هو دة الإهمال والإهدار بعينه.. هو ده القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وكلكم من أولكم لآخركم شركاء.. شركاء فى هذه الجريمة التى ترتكبونها فى حق هذا الوطن وفى حقنا كمواطنين لنا كل الحق أن نعيش كآدميين وليس كحيوانات ننهش فى الزبالة ونتلوث سمعاً وبصراً وروحاً حتى نموت بحسرتنا وحزننا على هذا البلد الذى سلمناه لكم لكى تتركوه لنا لهذا العبث!! ولا أحد يقول لى «إننا لدينا من المشاكل والهموم ما هو أهم وأحوج».. أقول: «آسفة سيادتك.. آسفة حضرتك!! لأننا لا نطالبك بمشروعات جديدة تلهيك عن الأولويات التى تدعيها.. بل نطالبك وللأسف بعد فوات الأوان بالتنسيق الحضارى. بالهارمونية المتسقة مع البيئة والتاريخ والعمارة.. نطالبك بالأسس والمعايير التى تقاس بها المدن والدول المتحضرة.. نطالبك بالاستعانة بأصحاب الخبرة والعلم والذوق الرفيع القادرين على التخطيط العلمى المدروس» مش «العشوائى الهمجى النابع من الجهل والأفق المحدود والمصلحة واختراق القانون.. سيادتك.. حضرتك برجاء التجول- متخفيا- إذا أردت فى شوارع القاهرة.. القاهرة فقط» بلاش«المحافظات!!! وقل لى إذا كان هذا العبث يريضيك؟؟؟.. لا يرضى أحداً.. ولا أعلم سببا لهذا التجاهل وهذا الطناش لهذا المد الأخطبوطى القبيح الذى لا يستند إلى مراقبة أو معايير أو قانون!!! صعب الكلام ده؟؟؟ صعب أن تكون هناك هيئة أو لجنة من المبدعين والمعماريين والفنانين والقانونيين لا تقل فى أهميتها وحيويتها عن أعمال الهيئات والمجموعات التى ترفع تقاريرها إلى السيد رئيس الجمهورية فى مختلف المجالات؟؟.. لقد صدمت عندما قرأت تقريراً أدرج القاهرة فيه بكل ثرائها التاريخى الحضارى والمعمارى والأثرى كواحدة من أقبح مدن العالم..!!! أوضح التقرير الذى نشرته الإيكونوميست والذى جاء ترتيب القاهرة فيه الـ (١٢٢) من (١٤٠) مدينة شملها التقرير «عليك أن تزور القاهرة حتى لا تفوتك فرصة حياتك وأنت تشاهد آثار هذا البلد التاريخى التى تضم إحدى عجائب الدنيا السبع ولكن عليك أن تسد أنفك وتتجنب الوحل وتغمض عينيك عن القبح» تغمض عينيك عن القاهرة.. التى كانت ساحرة!!

هذه هى مصر سيادتك.. حضرتك التى سوف تزداد تشويهاً عن قرب بصور ولافتات الناخبين وشعارات البيضة والفرخة والديك الرومى... ومفتاح الحياة كمان!!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية