x

خالد منتصر PK فيلم يفضح تجار الدين خالد منتصر الأربعاء 09-09-2015 21:31


«هناك إلهان، الله الذى خلقنا والله الذى خلقتموه أنتم»، هذه الجملة مفتاح الفيلم الرائع Pk، قالها بطل الفيلم إلى رجل الدين، فى المناظرة التى كانت بينهما فى نهاية الفيلم، لابد لكل مصرى من كافة الأطياف والمعتقدات أن يشاهد هذا الفيلم التحفة لكى ينجو بعقله من أسر وفخ سماسرة الدين الذين اخترعوا الوساطة بين الخالق والمخلوق، ليضمنوا لأنفسهم السلطة والنفوذ والثروة والقصور والضِّياع، جعلوا شفرة العلاقة هى الخوف، فضمنوا مكتسباتهم خلف السدود والحواجز التى بنوها بين العبد وربه، بطل الفيلم عامر خان أو أمير خان، ممثل وكاتب ومنتج هندى مثقف، وله موقف وفلسفة وحضور طاغ، أتمنى من الفنانين المصريين أن يدرسوا سيرة هذا الفنان العبقرى ويأخذوا من أفلامه قدوة ونموذجا وإجابة عن سؤال: كيف نغير مصر بالفن وبالقوة الناعمة؟ البداية رجل يهبط على كوكب الأرض عارياً لا يرتدى إلا قلادة هى عبارة عن جهاز تحكم يتواصل به مع سفينة الفضاء التى أنزلته فى مسرح ديانات العالم، الهند، سرعان ما يسرق لص جهاز التحكم ويترك هذا الرجل عارياً من الملابس ومن التواصل ومن الأمان، تبدأ رحلة هذا الرجل الفضائى العجيب للبحث عن قلادته المفقودة، يعرف معنى النقود والملابس، يتعلم اللغة، يفشل فى الوصول إلى قلادته بوصلة حياته، الكل يقول له إنه لن ينقذها ولن يجدها لك إلا الرب، ينطلق «بى كى»- ومعناها السكير- فى رحلة بحث عن الرب المخلص والمنقذ، يذهب إلى المعبد والكنيسة والجامع، اكتشف أنه لا يستطيع الوصول إلى الرب إلا عبر الوسطاء، تارة يكتشف أن الوصول إليه مشروط بصندوق مكدس بأموال تبرعات الغلابة، وتارة يكتشف أن هناك بوتيكات يبيعون فيها تماثيل بأحجام وأسعار مختلفة، ويدَّعون أنها تجسد الرب، شاهد أن سكب اللبن بالأطنان فى معابد الهندوس طقس فى بلد يحلم فيه الفقير بكوب لبن، واكتشف أن استخدام قطرات النبيذ طقس فى الكنائس، فأخذ بفطرة بريئة النبيذ إلى حيث المسجد، فكاد المصلون يقتلونه، اكتشف أن هؤلاء ليسوا كل المسلمين، فهناك مَن يضرب نفسه حتى ينزف دماً، تكفيراً عن ذنب اقترفه الأجداد منذ ألف سنة، وهو أيضاً مسلم وعلى خلاف مع الأول!! استيقظ على عملية إرهابية راح ضحيتها المئات، وادَّعى منفذوها أنهم يدافعون عن الله!! تساءل: هل الله يحتاج إلى حماية كل هؤلاء وهو الذى يحمى ويحنو على الجميع؟!! هل التقرب إليه لابد أن يكون عبر جسر من الدماء النازفة والأشلاء المبتورة؟ سؤال ظل يردده وساعدته فى رحلة الإجابة صحفية هندوسية خارجة لتوها من قصة حب فاشلة مع باكستانى مسلم اغتالها المجتمع فى مهدها، وجد قلادته عند رجل دين هندوسى ادَّعى أن الله أرسلها إليه هدية، حاول الحصول عليها، فاتهموه بالجنون، قال إن ما يحدث من هذا الكاهن وغيره ليس إلا نتيجة اتصال خاطئ مثل الاتصالات التليفونية التى تخطئ الهدف، مجرد أن رجل الدين لم يطلب الرقم الصحيح، ولكنه اكتشف فى النهاية أن الكاهن ليس مخدوعاً بالاتصال الخاطئ، ولكنه مخادع ويتعمد هذا الخطأ وأن تواصله الصحيح مع مصالحه فقط، يحصل فى النهاية على القلادة ويعود إلى كوكبه ليعرف أن المحرك الوحيد لهذا الكوكب هو الكذب والخداع، وأن هؤلاء التجار هم الذين صنعوا صورة ذهنية قاسية لكيان يجعل الفقراء دائماً على قائمة الانتظار وينتصر للأغنياء.

تلك لقطات سريعة من مجموع تفاصيل شديدة الدقة والعذوبة والصدام والاستفزاز الفكرى، ورغم هذا العمق وتلك الفلسفة، ورغم ثراء الأفكار والصدام مع التابوهات الاجتماعية الجاهزة، فإن الفيلم به من الكوميديا الراقية والموسيقى الهندية الراقصة الممتعة الكثير والكثير، ستضحك حتى النخاع، وستبكى حتى يبلل ملح دموعك المآقى، شاهدوا الفيلم واستمتعوا وفكروا واحلموا بعالم جديد يخلو من الأكاذيب والسماسرة وصكوك الغفران وبوتيكات الأوامر والنواهى وكتالوجات الفتاوى وقوالب التحنيط العقلى التى صنعت الحروب ورسمت خريطة الدماء على هذا الكوكب البائس.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية