لا أعرف الدكتور عادل عدوى وزير الصحة، ولا أستطيع تقييم مكانته كطبيب، ولم أتابع دوره السياسي كوزير في حكومة محلب، لكنني سمعت عنه هذه الحكاية المؤسفة التي نقلها لي صديق إعلامي أثق به جدا من ابناء الغربية، في إطار حديثه عن جهود المدعو «محمد فودة» لدعم ترشحه نائبا عن الشعب بدائرة زفتي، وفي هذا السبيل يركز جهوده لكسب مؤيدين عن طريق إقناع المؤثرين من اهالي الدائرة بأنه «نافذ» في الحكومة، وصديق للوزراء بشكل شخصي، ويمكنه أن يحصل (بالتليفون) على كل الخدمات التي تريدها الدائرة، كما أنه (بالتليفون أيضا) يستطيع أن يوقفها إذا جاءت عن طريق أي مرشح آخر!
حكى لي الإعلامي الشريف أن فودة دعا عددا من الشباب الناشطين في الدائرة ضد فكرة انتخابه، لأنه أحد وجوه الفساد والرشوة التي لا تشرف دائرتهم، ومن بين وسائل الإقناع التي مارسها فودة في الاجتماع، كانت مكالمة تليفونية مع وزير الصحة، فتح فيها فودة «الاسبيكر» بحيث يسمع الشباب صوت الوزير على الجانب الآخر من الخط، وأظهرت المكالمة مدى الود والعشم والصداقة المتينة بين فودة والوزير، حتى إن الدكتور عدوي خاطب المرشح الذي سجن من قبل في قضية فساد شهيرة قائلا: «ماتقلقش.. أنا هفتتح لك المستشفى، واظبَّطك»
ورد فودة: وأنا هأنتكك وأفرمتك!
خرج الشباب من الاجتماع حائرين وممتعضين من هذه الألفاظ السوقية التي وردت في الاتصال على لسان الوزير أثناء مناقشة مع شخص أدانه القضاء بالفساد ويسعى للترشح لمجلس النواب، مما يلقي شبهات حول الوزير التنفيذي بأنه يساند مرشحا بالمخالفة للقانون ويستغل صلاحيات منصبه وامكانات وزارته في أمور تعتبر من وسائل الدعاية الانتخابية.
وبالفعل قام الوزير «بتظبيط» فودة، حيث اصطحب معه الدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة، وتفقد المستشفى بحضور فودة وأضواء المذيعة الخصوصي ريهام سعيد، وجوقة المهللين للفاسد فودة من المنابر الإعلامية المشبوهة التي منحته مجانا لقب «إعلامي»، كما افتتح الوزير وحدة صحية بقرية سنباط مركز زفتى، في الوقت الذي تجاهل فيه محافظ الغربية اللواء محمد نعيم جولة «التظبيط والتربيط والفرمتة»، معتبرا أن وجود فودة بمثابة دعاية انتخابية لا يجب أن يشارك فيها بالمخالفة للقانون وأصول العمل السياسي.
وقد تكررت محاولات فودة لتأكيد صورته كرجل مؤثر في كواليس السلطة وصديق مقرب من الوزراء وكبار المسؤولين، فاتصل بوزراء البترول، والبيئة، والأوقاف، ومسؤولين آخرين في اجتماعات تالية لممثلي كبار العائلات في الدائرة، لدرجة أن البعض اقترح على المعارضين مجاراة فودة ومسايرته من أجل الحصول على الخدمات الحكومية التي تحتاجها الدائرة، ووقت الاقتراع لا يعطيه أحد صوته!
اعترض الكثير من الشباب على هذا الاسلوب واعتبروه تكريسا للانتهازية السياسية، وطالبوا بموقف واضح ضد الفساد، وأكدوا أن ما يحصلون عليه من حدمات هو حقهم لدى الدولة وليس منحة من وزير أو منة من مشبوه، ومازال الخلاف يتصاعد ليكشف عن وجه قبيح من وجوه اللعبة الانتخابية في مصر، التي تستغل حاجة الناس وتساومهم على اصواتهم وتشتري المقاعد النيابية بالمال الحرام.
بعد أيام قليلة من زيارة «وزير التظبيط» كتب الإعلامي الفلتة محمد فودة في مقال من 1600 كلمة في مديح عدوي.. «الحارس الأمين على صحة الفقراء» كما وصفه، وتحدث عن تصرفاته التي تفوح منها رائحة النبل الإنسانى ودماثة الخلق وقوة الشخصية الممزوجة بالطيبة، وحب الفقراء، فهو «قلب أبيض» يسير على قدمين.. استحق «جائزة السماء».. نعم إنه الدكتور عادل عدوى الذي تصدى لمواجهة أمراض الكبد قاهر فيروس سى الذي نجح في إدخال عقار سوفالدى لعلاج 15 مليون مواطن، وتحمل نتائج الحرب الشرسة التي أشعلتها ضده «عصابة» من أصحاب المصالح ومحترفى الصفقات المشبوهة مع الشركات المنافسة من أجل الحصول على العمولات التي تصل إلى ملايين الدولارات.
هكذا تحدث الفاسد عن وزير التظبيط، فما هو موقف محلب وحكومته؟، والأهم ما هو موقف الناخب البسيط قبل أن تبدأ معركة البرلمان؟
* سألت هذا السؤال، في مطلع العام أثناء الاستعداد الأولى للانتخابات التي لم تتم، واختتمته بأنني: أنتظر إجابة
مرت 8 شهور كاملة، ولم يكذب الوزير (ولا غيره) ما ورد في المقال، لم يصحح أحد، ولم يوضح أحد، ولم يهتم رئيس الحكومة، ولا أي مسؤول، فهل يكذبني أحد منهم اليوم؟ هل يصحح أحد؟، أو يوضح أحد؟، أو يحترم نفسه «أحد» ويقدم استقالته؟
ما زالت الأسئلة الحرجة والمحرجة تتردد، ولا أحد يهتم، لا أحد يرد، لا أحد يقدر غضبة شعب يجلس طويلا على أرصفة التجاهل ينتظر الاحترام، فلا يجده.!
#شوية_إحساس_يا حكومة