x

نيوتن الضرائب والحلال نيوتن الإثنين 07-09-2015 21:05


لى صديق أمريكى جاءته مطالبة الضرائب. طبعاً بناءً على ما قدمه من إقرارات. مطالبة الضرائب جاءته بمبلغ 16 ألف دولار. راجع المطالبة. ثم أرسل لجهة الضرائب أن مطالبتهم له شابها الخطأ. وأنه أعاد الحسابات عليها. وصحة المطالبة يجب أن تكون 18 ألف دولار لا 16!!

قال لى بعدها إن الضرائب راجعت نفسها وبعد إعادة مراجعة المطالبة. أعادتها إليه بمبلغ 22 ألف دولار. سألته: وماذا فعلت؟ قال لى: أرسلت شيكاً بالمبلغ المطلوب طبعاً.

أبديت دهشتى له وقلت: ألم يكن أفضل لك لو استجبت للمطالبة الأولى. أى مبلغ 16 ألفاً بدلاً من أن ينتهى بك الحال الآن بأن تدفع 22 ألفاً. كان ذلك فى حضور زوجتى. هى مصرية. لم تعلق ولكن يبدو أنها كانت متوافقة مع منطقى المصرى إزاء الضرائب.

أبدى الصديق الأمريكى دهشته من تعليقى. قال لى: ولكن المطالبة بمبلغ الـ22 ألفاً كانت دقيقة ومبررة. فالحمد لله أننى راجعتهم. هكذا ينظر الأجنبى إلى الضرائب.

■ ■ ■

هذا بالضبط يذكرنى بواقعة حدثت لى مع والدى رحمه الله. كان يجلس معى وجاءنى مظروف فيه مبلغ من المال. وضعت المظروف جانباً. نظر إلىَّ أبى وقال لى: أرجوك يا «نيوتن» أن تتوخى الدقة والحذر فى معاملاتك. لكى يؤكد كلامه قال لى: كنت فى بنك الائتمان الزراعى منذ عدة شهور. وكان لى مبلغ لدى البنك. أخذته وعند عودتى للمنزل فى المزرعة أخذت فى عدِّ المبلغ. وجدته يزيد على حقى بمبلغ أربعمائة جنيه. فذهبت إلى البنك اليوم التالى. وسألت: هل لديكم خطأ فى حساباتكم حدث بالأمس؟ فقفز مدير خزنة الصرف من مقعده وقال: نعم سيدى. اكتشفنا عجزاً لدينا بلغ أربعمائة جنيه. فأعطيته المبلغ فقبَّل الرجل يدى. فنصحته بنفس النصيحة التى نصحتك بها الآن. قلت له: توخَّ الحرص فى معاملاتك. ثم قال لى: أرأيت؟ فالحرص أنقذنى من أن آخذ مالاً ليس من حقى. أنقذنى من مال حرام.

والدى دافعه الدين والحلال والحرام. الأجانب دافعهم أيضاً الحلال والحرام. الهروب من الضريبة لديهم عمل حرام. لا يُشرِّف. الهروب من الضريبة فى عقيدتنا هنا فى مصر حلال وفهلوة. الضرائب تقدر جزافاً. بالتالى التهرب منها حلال لدى الممول. هو حلال حتى لدى كبار رجال الأعمال. مهما بلغت أرباحهم. فالتهرب من الضريبة هو جزء من الصفقة. هو استكمال للنجاح.

■ ■ ■

يجب إعادة النظر فى الخطاب الضرائبى لدينا. جنباً إلى جنب مع إعادة النظر فى الخطاب الدينى. كانت هناك حملة تقول «الضرائب مصلحتك أولاً» حققت للدولة 22 ملياراً بعد أن كانت 18 ملياراً. كله خلال خمس سنوات من بدايتها. أرجو أن تستمر التوعية بها. لأن أى ربح تحققه فهو مبنى على دعم من الدولة. لعامل. للطاقة. للمواصلات. للطرق. للتعليم. للصحة. بذلك «ادفع ضرائبك لكى يكون ربحك حلالاً».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية