x

ضياء رشوان أخطار ثلاثة تواجه مجلس النواب بعد انتخابه ضياء رشوان الأحد 06-09-2015 21:46


بعد طول انتظار سيذهب المصريون الشهر القادم لانتخاب ممثليهم فى مجلس النواب الجديد الذى كان من المفترض أن تجرى انتخاباته وفقاً للدستور بحد أقصى قبل عام مضى. وبالرغم من هذه الفترة الطويلة من الانتظار والمفترض أن تؤدى إلى استعداد المرشحين للانتخابات، وبخاصة القوى السياسية والحزبية، لها بشكل جيد، فإن الوقائع المتسارعة منذ وقبل فتح باب الترشيح قبل أسبوع تؤكد أن الأمور تجرى بصورة أقرب للعشوائية والتضارب المعتادين فى الحالة السياسية المصرية وخصوصاً الحزبية. ولا شك أن الملامح العامة لهذه العشوائية وذلك الاضطراب سوف تنعكس، كما يتوقع كل المحللين والمراقبين تقريباً على تشكيل المجلس النيابى القادم، وأبرزها عدم وجود أغلبية بل حتى أكثرية حاسمة من بين أعضائه، وكذلك هيمنة المستقلين على التشكيل القادم سواء فى المقاعد الفردية أو فى القوائم.

ولا شك أيضاً، وبحسب جميع التوقعات، فإن هذا التشكيل المحتمل للمجلس سوف ينعكس على أدائه الرقابى والتشريعى والسياسى وسيؤثر على تكوين هياكله الداخلية من رئيس له ووكيلين ورؤساء وهيئات مكاتب لجانه وجميع مجريات العمل به، وهو ما تنحاز أغلبية كبيرة من المراقبين والمحللين إلى أنه سيكون أقرب للسلبية منه للإيجابية. ويذهب بعض من هؤلاء الأخيرين إلى التشاؤم أكثر لكى يتوقعوا أن يدخل المجلس فور انعقاده فى حالة من الجدل والخلاف الواسعين حول انتخاب رئاسته ورؤساء لجانه وهيئة مكتبه، وقبله ومعه حول لائحته الجديدة، وبعدها حول مناقشة وإقرار المئات من القرارات بقوانين التى أصدرها رؤساء الجمهورية فى غياب البرلمان منذ محمد مرسى وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأمر الذى قد يؤدى إلى شل أدائه ووصوله إلى حافة أزمة مركبة قد تؤدى لانهياره دستورياً.

تلك التوقعات غير المتفائلة بعمل مجلس النواب القادم يمكن أن تظل جميعها مجرد تكهنات نظرية، ولا يتحقق منها فى الواقع العملى أى شىء ويستطيع المجلس حتى بتشكيله المفتت المتوقع أن يتجاوزها جميعاً ويتجه لممارسة أدواره واختصاصاته بصورة رصينة مستقرة لا تهدد وجوده. ومع هذا، فإن مجلس النواب القادم يظل يواجه من الناحية الدستورية المختلطة بالواقع العملى ثلاثة مخاطر حقيقية يمكن أن يفضى كل منها إلى حله والعودة مرة أخرى إلى الناخبين المصريين لاختيار مجلس جديد.

يأتى الاحتمال الأول من القوانين الثلاثة التى نظمت انتخاب المجلس، وهى مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية. فهذه القوانين التى استغرق إصدارها أكثر من عام، وسبق أن تعرضت لقبول طعون عليها من المحكمة الدستورية العليا وتمت إعادة صياغتها وفق حيثيات الأحكام التى صدرت بعدم الدستورية، لاتزال بعض موادها تحمل، بحسب آراء معتبرة من عديد من المتخصصين، عواراً دستورياً يمكن أن يكون محلاً لطعون دستورية جديدة عليها أمام المحكمة الدستورية العليا. وقد كان التعديل الذى تم إدخاله على قانون المحكمة بتحديد حد أقصى لفترة صدور حكمها فيما يخص القوانين المنظمة للانتخابات بثلاثة وعشرين يوماً، هو الذى أوقف الانتخابات المرة الماضية وأعاد القوانين للصياغة بحيث تجرى الانتخابات ويتشكل المجلس دون أن يكون هناك تهديد لوجوده لو صدرت أحكام عدم الدستورية بعد انتخابه.

أما وقد ألغى هذا التعديل الأخير وعاد قانون المحكمة الدستورية العليا إلى أصله الأول والذى يعطى لهيئتها الحق فى نظر دعاوى عدم الدستورية والحكم فيها بحسب المواعيد التى تراها مناسبة لكل دعوى وملابساتها ومضمونها، فإنه من الوارد أن تقبل المحكمة بعض الطعون بعدم الدستورية لبعض مواد قوانين انتخاب المجلس وتصدر حكمها فى أى وقت خلال السنوات الخمس التى هى عمره الدستورى. وكما ظل قانون المحكمة خلال المرات الأربع السابقة التى حكمت فيها بعدم دستورية القوانين التى انتخب بناء عليها أحد المجالس النيابية، ينص على التطبيق الفورى للحكم على هذه المجالس ولم يفصل بين الحكم بعدم الدستورية والأثر المترتب عليه وهو انتخاب المجلس، وبالتالى استمراره حتى نهاية مدته، فإن صدور أى حكم جوهرى بعدم دستورية بعض مواد القوانين التى سينتخب بناء عليها مجلس النواب القادم سيعنى، وبصورة فورية، حله والدعوة لانتخاب مجلس جديد بدلاً منه.

ويأتى الاحتمال الثانى لحل مجلس النواب القادم من نص المادة (146) من الدستور التى حددت طريقة تشكيل الحكومة، وهو ما يمكن أن يؤدى إليه التشكيل المحتمل للمجلس. فهذه المادة تنص على أن «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدٌ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل. وفى جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها فى هذه المادة على تسعين يوماً». فالواقع المحتمل لتشكيل المجلس لن يجعل أى كتلة سياسية أو انتخابية قادرة بمفردها على حسم اختيار رئيس الحكومة وبخاصة إذا ما رفض المجلس ترشيح رئيس الجمهورية، وسيكون التصارع بين الكتل الصغيرة كلها، حول التمثيل فى الحكومة بل وفى رئاستها، مدخلاً خطيراً لوقوع المجلس فى أزمة عدم توافر الأغلبية اللازمة لإقرار تشكيل الحكومة، الأمر الذى يمكن أن يودى بالمجلس نفسه ويعد منحلاً. ويقابل هذا الاحتمال الواقعى احتمال آخر، وهو أن تغلب كتل المجلس وأعضاؤه مصالح البلاد ومصالحهم المباشرة بعدم العودة مرة أخرى خلال ثلاثة شهور للانتخابات، فيتوافقون على رئيس الحكومة ووزرائه. ومع هذا يظل الاحتمالان قائمين نظرياً بغض النظر أيهما أقوى للتحقق واقعياً.

أما الاحتمال الأخير فهو بالأساس سياسى يستند على ظهير دستورى وهو المادة (137) من الدستور والتى تنص على أنه «لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق. ويصدر رئيس الجمهورية قرارًا بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يومًا على الأكثر، فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ صدور القرار». ولا شك أن استخدام رئيس الجمهورية لهذا الحق الدستورى المتكرر فى الدساتير المصرية السابقة وكثير من دساتير دول العالم، يتوقف أساساً على أداء المجلس ومدى تعاونه مع الرئيس والحكومة، بعد نجاحه فى تشكيلها. وهنا يظهر احتمالان نظريان وواقعيان فيما يخص مجلس النواب القادم، فإما أن يؤدى تشكيله المفتت والمتصارع إلى مواجهات مع الرئيس والحكومة وخصوصاً بعد اكتشاف أعضائه وكتله السياسية الصلاحيات الواسعة التى يعطيها لهم الدستور تجاههما، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى الحل. وإما أن يتعاون المجلس أو أغلبيته مع الرئيس والحكومة بدوافع مختلفة، سواء الصالح العام والاقتناع، أو المصلحة المباشرة، فلا يقوم الرئيس باستخدام هذا الحق الدستورى.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية