قرار الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالي، بفرض التوزيع الجغرافي على الطلاب، دفع الفقيه الدستوري، الدكتور محمد نور فرحات، لإعلان استعداده رفع دعوى قضائية تنظرها محكمة مصرية لرفع الضرر عن «الطلاب المتميزين»، خاصة وأن القرار، الذي عثرف إعلاميًا بـ«التفويض السري»، يحرم أبناء الأقاليم من الالتحاق بجامعات العاصمة، إضافة إلى استنكاره «استثناء أبناء الكبار» من التوزيع الجغرافي.
وأوضح فرحات، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أنه على استعداد لرفع دعوى قضائية مجانية أمام القضاء الإداري لأي طالب متضرر من قرار استثناء «أبناء الكبار» من التوزيع الجغرافي في الجامعات، معتبرًا أنه «تمييز مخالف للدستور».
وأضاف فرحات أن القرار مخالف لنص المادة 53 من الدستور، الذي تم إقراره عام 2014.
والمادة 53 في الدستور تنص على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض».
ووفقًا للموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» فمصر إحدى البلدان الخمسة في المنطقة التي أنشأت لجنة وطنية للتعليم للجميع.
كما أن مصر أحد الدول الأعضاء المؤسّسة لليونسكو، وتمّ افتتاح مكتب للمنظمة في القاهرة، عام 1974، كما أنها واحدة من البلدان الأحد عشر، التي تمّ اختيارها لتجربة استراتيجية اليونسكو لدعم التعليم على المستوى الوطني (UNESS).
وتهدف هذه المبادرة التي أُطلقت في مايو 2006 إلى مساعدة الحكومات على وضع سياسات تعليمية متماسكة بهدف تأمين التعليم للجميع.
وفي سجلات اليونسكو اتفاقية خاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 14 ديسمبر 1960، في دورته الحادية عشرة، وبدأ تنفيذها 22 مايو 1962.
وجاء في نص المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة أنه «تعني كلمة (التمييز) أي ميز أو استبعاد أو قصر أو تفضيل على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الحالة الاقتصادية أو المولد، يقصد منه أو ينشأ عنه إلغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم أو الإخلال بها، وخاصة ما يلي:
(أ) حرمان أي شخص أو جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم في أي مرحلة،
(ب) قصر فرض أي شخص أو جماعة من الأشخاص على نوع من التعليم أدني مستوي من سائر الأنواع،
(ج) إنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة لأشخاص معينين أو لجماعات معينة من الأشخاص، غير تلك التي تجيزها أحكام المادة 2 من هذه الاتفاقية،
(د) فرض أوضاع لا تتفق وكرامة الإنسان على أي شخص أو جماعة من الأشخاص.
2. لأغراض هذه الاتفاقية، تشير كلمة (التعليم) إلى جميع أنواع التعليم ومراحله، وتشمل فرص الالتحاق بالتعليم، ومستواه ونوعيته، والظروف التي يوفر فيها».
وتبرر المادة الثانية «التمييز» من خلال النص التالي: «عندما تكون الأوضاع التالية مسموحا بها في إحدى الدول، فإنها لا تعتبر تمييزا في إطار مدلول المادة 1 من هذه الاتفاقية:
(أ) إنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات منفصلة لتعليم التلاميذ من الجنسين، إذا كانت هذه النظم أو المؤسسات تتيح فرصا متكافئة للالتحاق بالتعليم، وتوفر معلمين ذوي مؤهلات من نفس المستوي ومباني ومعدات مدرسية بنفس الدرجة من الجودة، وتتيح الفرصة لدراسة نفس المناهج أو مناهج متعادلة،
(ب) القيام، لأسباب دينية، أو لغوية، بإنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة تقدم تعليما يتفق ورغبات آباء التلاميذ أو أولياء أمورهم الشرعيين، إذا كان الاشتراك في تلك النظم والالتحاق بتلك المؤسسات اختياريا، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمستويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم بالمرحلة المناظرة،
(ج) إنشاء أو إبقاء مؤسسات تعليمية خاصة، إذا لم يكن الهدف منها ضمان استبعاد أية جماعة بل توفير مرافق تعليمية بالإضافة إلى تلك التي توفرها السلطات العامة، ومتي كانت تلك المؤسسات تدار بما يتفق وهذه الغاية، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمستويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم بالمرحلة المناظرة».
الأمر الذي يفتح التساؤل حول مدى جودة الحالة الخاصة بتلك الكليات ومدى استعدادها لتقديم خدمة تعليمية متميزة أسوة بكليتي الإعلام في جامعة القاهرة وكذلك كلية الاقتصاد والعلوم السياسية على سبيل المثال، خاصة وأن اتفاقية اليونسكو المعمول بها تنص على «جعل التعليم العالي كذلك متاحا للجميع على أساس القدرات الفردية»، وهو ما يتعارض مع فكرة التوزيع الجغرافي، التي لا تهتم بفكرة المجموع قدر اهتمامها بمحل إقامة الطالب دون النظر لتميزه.