x

عبد اللطيف المناوي خريطة الاحتياجات المصرية عبد اللطيف المناوي الأربعاء 02-09-2015 21:40


هناك العديد من الخرائط التى تضعها الدول والمؤسسات، والتى تسلط الضوء على اتجاه معين، فهناك على سبيل المثال الخريطة الجغرافية التى توضح التضاريس والمساحة وتقسيم البلدان، وهناك خريطة استثمارات توضح فرص الاستثمار الموجودة فى الدول، وهناك خريطة معادن توضح أماكن انتشار المعادن بمختلف أنواعها، وما أعتقده أنه قد حان الوقت لوضع خريطة من نوع جديد، يمكن أن يطلق عليها اسم «خريطة الاحتياجات المصرية».

يوجد فى مصر العديد من الصناديق التى تجمع الأموال للمساهمة فى إعادة بناء مصر، والعديد من المبادرات التى تقودها مؤسسات أو أشخاص، والتى تعمل فى نفس الاتجاه، كما يوجد العديد من المؤسسات الخيرية التى تقوم على هذه الفكرة، ولكن لا يوجد ما يحدد لهذه المؤسسات الأهلية أو الشخصيات الأماكن التى تحتاج إلى مساعدة فعلية، وبالتالى من الممكن أن نجد أنها جميعاً تعمل فى اتجاه واحد، وتوجه مساعداتها لحل مشكلة واحدة، وتترك العديد من المشكلات الملحة دون حل أو تقديم يد المساعدة.

جزء من الأفكار المطروحة لحل هذه المشكلة أن يتم جمع الأموال التى تقدمها هذه المؤسسات، أو تجمعها هذه المبادرات، فى مصدر واحد وإدارتها من قبل الدولة أو من قبل مؤسسة يتم الاتفاق عليها، ويتم توجيه الأموال إلى مصادر الاحتياج المختلفة، لكن هذه الفكرة تلقى العديد من الاعتراضات، خصوصاً أن المساهمين بأموالهم أو مجهودهم يحتاجون أن يساهموا بشكل فعال فى تقديم هذه الأموال إلى الجهات الأكثر حاجة من وجهة نظرهم، كما يفضلون أن يشرفوا بأنفسهم على هذه المساعدات وهى تتوجه إلى مصادرها الحقيقية، وأن يروا ثمار ما زرعته أيديهم وهى حاجة إنسانية يمكن تفهمها، وحتى لا يتحول الأمر إلى ما يشبه صندوق الزكاة.

ويمكن أن يكون الحل لضبط حركة هذه الأموال، وحتى تسهم كل هذه المبادرات فى حل جزء من المشاكل العالقة، والمساهمة فى التنمية بالفعل- هو أن تعلن الدولة عن «خريطة الاحتياجات المصرية»، وتترك لرجال الأعمال والمؤسسات الخيرية والمبادرات حرية التحرك والمساهمة فى التنمية.

وأهمية هذه الخريطة المقترحة هى أنها ستحدد احتياجات كل قرية أو مدينة فى مصر، فربما تحتاج إحدى القرى إلى مدرسة أكثر من احتياجها إلى مستشفى فى هذا الوقت، وربما تحتاج مدينة أخرى إلى مشروع للصرف الصحى أكثر من احتياجها إلى مدرسة، وربما تحتاج قرية ثالثة إلى تجديد شبكة الكهرباء، وأهمية الخريطة ليست فقط فى تحديد احتياجات كل قرية ومدينة، بل فى أنها ستسلط الضوء على احتياجات بعض الأماكن التى ربما لم يلتفت إليها أبداً صناع المبادرات ورجال الأعمال لبعدها أو عدم الالتفات إلى احتياجاتها الحقيقية.

وعندما يتم نشر هذه الخريطة على نطاق واسع سيكون أمام الجميع خريطة بكل الاحتياجات المصرية الحقيقية للأماكن التى غابت عنها عين التنمية أو التى تحتاج إلى علاج عاجل لمشاكلها، وهنا يمكن للجميع أن يتوجه إلى الأقرب إليه والأنسب لما يريد أن يسهم فيه، فيمكن لرجال الأعمال أن يوجهوا مبادراتهم ومساهماتهم المالية ويقوموا بالإشراف على التنفيذ، ويمكن للمبادرات الشبابية أن تبادر بالجهد والمساهمات المالية التى حتى لو كانت قليلة فإنها ستكون كافية، فهكذا تتم التنمية، وهكذا تسهم الجهود الأهلية فى إعادة البناء، لكن ضعوا خريطة للاحتياجات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية