x

رامي جلال خوذة وعمامة وطرطور رامي جلال الثلاثاء 25-08-2015 21:45


فى زمن لا أعلمه، ولكن أعلم أنه موغل فى القدم، نشأ لدى الإنسان معتقد غريب يفيد أن قوته فى شعر رأسه (وقيل إن الشيطان يدخل للإنسان عبر شعره)، وبناء عليه لا يمكن أن يظهر بشعره فى حضرة الخالق، ومن هذه النقطة بالتحديد انطلق البشر يعالجون الأمر كل على طريقته الخاصة. البعض أراحوا أنفسهم من التعب فحلقوا رؤوسهم تماماً (مثل أتباع الطائفة البوذية)، وآخرون تطرفوا على الجانب الآخر فحرموا قص الشعر وغطوه طوال العمر (مثل أتباع طائفة السيخ).

وحديثاً تم أحياناً تغطية الشعر بآخر مستعار (مثلما فعلت بعض الممثلات فى مصر)، وهى عادة ابتدعها فى الأصل القضاة الإنجليز منذ عدة قرون (انتهت عام 2008 من المحاكم المدنية والعائلية مما وفر لإنجلترا 300 ألف جنيه إسترلينى سنوياً).

أما من قرروا تغطية الشعر «بدوام غير كامل» فقد تفننوا فى الأمر حتى صارت أغطية الرأس رموزاً قومية؛ طربوش عثمانى، وعِقال خليجى، وقبعة «كاوبوى» أمريكانى وهكذا. وكل الفئات تقريباً لها قبعات خاصة بها؛ بدءاً من قبعة الطباخ الطويلة، وحتى قبعة الملك القصيرة والتى تسمى «تاج». والقبعات العادية تصبح مضحكة فى غير سياقها (مثل ارتداء قبعة الخريجين فى الشارع). أما القبعات المضحكة فتتحول فى غير موضعها إلى عار (مثل الطرطور).

وحتى فى عالم الخيال ظل البحث عن القبعات مستمراً عبر قبعة تقرأ الأفكار. أو أخرى تخفى الإنسان.

والقبعة تقوم بتحديد الرأس ومن ثم حصر العقل، ولأن الإبداع هو كسر القيود، فكان خلع الرجال للطربوش مثلاً رمزاً للتحرر (مثل خلع النساء للبرقع)، كما أن خلع الكاب العسكرى -دون إذن- أمام الرتبة الأعلى دليل على التمرد.

من بعد ثورتين لم تعرف مصر من القبعات غير «العمامة» و«الخوذة»، والواقع أننا لا يمكن أن نصل لمكان آمن مع قبعة واحدة أياً كانت، بل على العكس علينا أن نتحرر من كل القبعات ولا نثبت على إحداها. نحتاج لارتداء قبعات وهمية ملونة تحدث عنها عالم النفس المالطى «إدوارد دى بونو» (مؤلف أكثر من سبعين كتاباً، ومبتكر مصطلح «التفكير الإبداعى»، ومستشار كبريات الشركات العالمية). «دى بونو» قدم أطروحته «قبعات التفكير الست» وهى أنماط مختلفة للتفكير الإبداعى شُبهت بالقبعات وهى: القبعة البيضاء للتفكير الحيادى، والحمراء للعاطفى، والسوداء للحذِر، والصفراء للإيجابى، والخضراء للإبداعى، والزرقاء للتفكير الموجه. نحتاج لتلك القبعات الملونة؛ لأن أصل المشكلة هو غياب الإبداع والخيال وليس غياب أو حضور القبعات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية