x

ياسر أيوب شكرا يا أمير الأردن ياسر أيوب الإثنين 24-08-2015 20:55


فجأة وجدنا أنفسنا أمام رؤيتين مختلفتين لكرة القدم: الرؤية الأولى هى الرؤية القديمة والدائمة والخاطئة والوحيدة فى الدوائر العربية والأفريقية والآسيوية.. ومع كل التقدير والاحترام لرئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى وكل نجاحاته الحقيقية والمؤكدة وأحلامه للهند سياسيا واقتصاديا.. إلا أننى توقفت بمنتهى الدهشة والاستغراب أمام دعوته لتأكيد العلاقات بين دول مجموعة البريكس عن طريق إقامة بطولة ودية لكرة القدم تشارك فيها منتخبات هذه البلدان.. والبريكس هى الأحرف الأولى لخمسة بلدان باتت أكثر الاقتصاديات نمواً فى العالم.. البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.. ولاتزال مصر تأمل وتتفاوض وتخطط لأن تكون صاحبة الحرف السادس ويتغير اسم المجموعة إلى بريكسى بعد إضافة إيجيبت.. ويرى مودى أن كرة القدم هى أقوى الوسائل الممكنة للتقريب بين شعوب المجموعة..

ومن الواضح أنه رغم كل نجاحات مودى داخليا وخارجيا وطموحه وجنونه الرائع الذى خلق الكثير من الإبداع والتغيير والتجديد فى حياة الهند ومستقبلها وصورتها.. إلا أنه لايزال قديما وتقليديا جدا فيما يخص كرة القدم.. لايزال يتخيل أنه حين تتواجه الشعوب فى ملاعب الكرة عبر مباريات تنتهى بفائز ومهزوم تتقارب هذه الشعوب وتقوى العلاقات بينها.. تماما مثلما قامت مصر سابقا بتنظيم بطولة ودية لدول حوض وادى النيل، ففازت مصر بالبطولة وكادت تخسر معظم بلدان حوض النيل.. أما الرؤية الثانية المختلفة تماما فكانت رؤية الأمير الأردنى على بن الحسين.. رؤية هى الأقرب للواقع والحقيقة وللمفهوم الصحيح لدور كرة القدم ورسالتها، التى هى الفرحة والبهجة للصغار والمنسيين والمهمشين.. وطيلة الأيام الماضية قاد الأمير الأردنى حملة لتوزيع أكثر من ألف كرة قدم فى المناطق الفقيرة فى المملكة الأردنية تحت شعار كرة القدم فى كل مكان.. لم يطلب الأمير أى مسابقات أو مباريات يتواجه فيها هؤلاء الأطفال بحثا عن فوز أو هربا من خسارة.. إنما أعطاهم ألف كرة تحمل اسم كرة عالم واحد.. كرة قدم خاصة جدا لا تحتاج إلى نفخ ولا يتسرب منها الهواء حتى إن تعرضت للثقب، وذلك لتبقى صالحة لمتعة وبهجة ولعب أطفال وصبيان وشباب لايزال ينقصهم الكثير وسط ظروفهم الصعبة والقاسية.. لكن آمن الأمير على بن الحسين بأن بهجة اللعب يمكن أن تصبح هى البداية.. مجرد بداية للبحث عن كل الحقوق الغائبة والأحلام البعيدة.. وهذا بالطبع يتنافى تماما مع ثقافتنا الكروية فى مصر مثلا التى لاتزال تختصر متعة كرة القدم ورسالتها وكل أدوارها فى التنافس مع الآخر والتنكيل به فى الملعب والمدرج وعلى الورق والشاشات وشبكات التواصل الاجتماعى.. وغابت عن معظم المصريين تلك الفكرة شديدة العمق والبساطة معا، التى تؤكد أن كرة القدم قد تصبح أحيانا فرحة حقيقية وسط طوفان الحرمان والأحزان.. وهذا ما بدأ يحدث بالفعل فى الأردن ومنغوليا والفلبين وفيتنام.. ولهذا يستحق الأمير على بن الحسين كل الشكر والاحترام لأنه لايزال يحترم كرة القدم ويحيلها لفرحة لمن يستحقها ومن يحتاجها حتى تبقى الحياة والأحلام كلها ممكنة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية