لم أستطع أن أمنع نفسى من المقارنة بين حالنا وما يحدث فى الأردن، حيث تستقبل الولايات المتحدة فى الوقت الحالى الملك الأردنى عبدالله الثانى، بينما تحاشى الرئيس الأمريكى زيارة مصر خلال جولته بالمنطقة فى مارس الماضى، ومازالت زيارة الرئيس محمد مرسى لواشنطن مؤجلة حتى الآن. وتأتى زيارة الملك الأردنى لواشنطن رداً على الزيارة التى قام بها أوباما لبلاده فى الشهر الماضى، والتى منح فيها الأردن منحة سخية وصلت إلى 200 مليون دولار.
على أن هناك معارضة قوية فى الأردن للحكم الحالى ومظاهرات الاحتجاج لم تنقطع طوال أيام زيارتى للعاصمة عمان، لكن تعامل النظام الأردنى مع ما ولدته الثورات العربية من احتجاجات شعبية لا تتوقف فى مختلف أرجاء الأردن يختلف تماماً عن تعامل نظام الإخوان فى مصر، فبداية لا ينظر الحكم فى الأردن لمظاهرات الاحتجاج على أنها محاولات تخريبية تمولها عناصر خارجية، ولا يصف المعارضة بأنها جبهة للخراب، وإنما هو يرى ـ حسب ما يظهر فى تصريحاته الرسمية ـ أن هناك مطالب شعبية لا يمكن تجاهلها بمزيد من الديمقراطية، وقد وصل الأمر إلى أن أكد الملك عبدالله اعترافه بمشروعية هذه المطالب بأن صرح فى أحد أحاديثه بأن بلاده تتجه إلى الملكية الدستورية، التى يملك فيها الملك ولا يحكم، وفى حديث له مع جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية قال الملك: «إن ابنى لن يحكم وإنما سيكون على رأس ملكية ديمقراطية ستجىء الحكومة فيها بالانتخاب».
وهو يرى أن الضامن الوحيد من الفوضى السياسية التى يمكن أن تسود البلاد هو أن يقوم بنفسه بعمل الإصلاحات الدستورية التى يطالب بها الشعب. وقد حدثنى أحد نواب المعارضة بالبرلمان قائلاً إن الملك قد أدخل الكثير من الإصلاحات منذ اندلاع ثورات الربيع العربى فى الدول المجاورة، لكنها بدت كلها محاولات لإنقاذ النظام وليس كاستجابة حقيقية للمطالب الشعبية.
أما أحد الوزراء والذى لم أستأذنه فى نشر أقواله فقد قال لى: «إن الملك يحاول أن يجنب البلاد ما يحدث عندكم فى مصر، حيث الفوضى السياسية يمكن أن تؤدى إلى انقضاض الإخوان على السلطة، وهو الموقف الذى يشاركه فيه غالبية الشعب الأردنى».
وقد صرح الملك فى حديث أخير له بأن منع وصول «الإسلاميين» إلى الحكم هو المعركة الرئيسية للأردن الآن، وفى الوقت الذى يشكل فيه الإسلام السياسى القوة المعارضة الأكبر بالبرلمان، فقد هاجم الملك تنظيم الإخوان قائلاً إنه تنظيم «ماسونى»، ووصف الإخوان بأنهم «ذئاب فى ثوب حملان».
ولاشك أن هذا سيكون أحد الموضوعات التى ستتطرق إليها مباحثاته فى واشنطن، حيث اتهم الملك أمريكا والغرب صراحة بـ«السذاجة» فى تعاملهم مع الإخوان.