الذين يكتبون عن السينما، أو أى من الفنون بما فى ذلك فنون الأدب، فئتان من الكتاب: صحفيون أو نقاد، وهناك من يجمعون بين الصحافة والنقد، ولكن هذا لا يعنى الخلط بينهما، فصحافة الفن أو صحافة الأدب، غير نقد الفن أو نقد الأدب.
والاختلاف هنا لا علاقة له بالتراث، فالنقد ليس رتبة أعلى كما هو شائع، ورب صحفى أفضل من كثير من النقاد، وحاجة الفنون والآداب إلى الصحافة مثل حاجتها إلى النقد، وعندما أنشأ الاتحاد الدولى المعروف باسم «فيبريسى» منذ أكثر من نصف قرن، كان اسمه ولايزال الاتحاد الدولى للصحافة السينمائية، و«فيبريسى» الحروف الأولى بالفرنسية من هذا الاسم، وليس الاتحاد الدولى لنقاد السينما.
وصحافة السينما فى مصر أعرق من النقد السينمائى، وكذلك فى كل دول العالم، وقد أصدرت كتاباً عن عميدها حسن إمام عمر «1918-2007» الذى كان عميدها فى المجلات، أما فى الصحف، فالعميد من دون شك جليل البندارى «1919-1968» الذى تعلم على يديه العشرات من الصحفيين فى دار «أخبار اليوم» التى عمل بها طوال حياته، وكم كنت أحب أن أصدر عنه كتاباً، ولكنه رحمه الله توفى وأنا فى بداية حياتى الصحفية، ولايزال من الضرورى إصدار مثل هذا الكتاب فى إطار التأريخ لصحافة السينما فى مصر، ولعل تلميذته الصحفية والناقدة الكبيرة إيريس نظمى تقوم بذلك.
ولم يكن جليل البندارى صحفياً كبيراً فقط، ويعرف جيداً حياة الفنانين وأسرارهم، وإنما كان أيضاً فناناً كتب القصة والسيناريو والحوار والأغنية، وكانت بدايته كتابة الأغانى قبل أن يعمل فى الصحافة، والأفلام التى كتبها أو اشترك فى كتابتها لا تتجاوز ستة أفلام، ثلاثة منها من كوميديات إسماعيل ياسين التى لا تنسى، وهى «الآنسة حنفى» عام 1954، و«العتبة الخضراء» عام 1959، وكلاهما إخراج أستاذ الكوميديا فطين عبدالوهاب، و«إسماعيل ياسين فى السجن» إخراج حسن الصيفى عام 1960.
أما الأفلام الثلاثة الأخرى فهى «موعد مع إبليس» إخراج كامل التلمسانى، الذى كان من رواد التجديد والتمرد على السائد عام 1955، و«لوعة الحب» إخراج أستاذ الواقعية صلاح أبوسيف عام 1960، والذى تبارى فيه أحمد مظهر مع عمر الشريف وشادية، وكان الفيلم السادس عام 1963 «منتهى الفرح» إخراج محمد سالم من الأفلام الغنائية التى اشترك فيها عدد كبير من المغنين الكبار، وكان آخر فيلم ظهر فيه محمد عبدالوهاب.