x

منار الشوربجي ميليشيات العنصرية فى فرجيسون! منار الشوربجي الثلاثاء 18-08-2015 21:27


فى الذكرى الأولى لأحداث مدينة فيرجيسون، ركزت أغلب الصحف المصرية والعربية على أحداث العنف التى شهدتها المدينة وتجاهلت أخطر ما جرى خلالها. فقد هبط على الساحات التى كان يتظاهر فيها السود، وعلى مرأى ومسمع من الشرطة الأمريكية، مجموعة من المنتمين لواحدة من أخطر الميليشيات العنصرية التى تؤمن بنظرية «التفوق الأبيض» وهم مدججون بالسلاح، بدعوى حماية الصحفيين البيض المراسلين لإحدى المواقع الإلكترونية التابعة لهم كانوا قد جاءوا لتغطية الأحداث. وبينما ألقت الشرطة القبض على بعض المتظاهرين السود بناء على شكها فى حملهم السلاح، لم يقترب أحد من أولئك البيض الذين كانوا يحملون السلاح بشكل علنى وواضح تماما! وهو ما أثار قلقا عميقا لدى السود وغيرهم فى المدينة وخارجها. فلم يكن ذلك أول ظهور لهم، ثم إن مذبحة الكنيسة السوداء فى مدينة تشارستون بولاية كارولينا الجنوبية فى يونيو ارتكبها شاب أبيض للأسباب العنصرية ذاتها. والولايات المتحدة تعج بالمنظمات البيضاء شديدة العنصرية. والكثير منها له أجنحة عسكرية تسمى «الميليشيات». وهى، الولايات المتحدة، من البلاد التى تعج الملايين من بيوتها بأنواع مختلفة من الأسلحة بشكل قانونى. ويستخدم أنصار حمل السلاح فى أمريكا التعديل الثانى للدستور الأمريكى الذى ينص على أنه «لا يجوز انتهاك حق الشعب فى اقتناء السلاح وحمله».

غير أن الأصل التاريخى لوجود تلك «الميليشيات» يعود إلى ما يسبق كتابة الدستور الأمريكى نفسه. فحين جاء المستوطنون الأوروبيون الأوائل، امتدت حروبهم ضد السكان الأصليين لقرون عدة. وفى ذلك الوقت، كان يتم ضم المستوطنين الفقراء اللاهثين لامتلاك أراض واسعة إلى ميليشيات مسلحة لمحاربة السكان الأصليين وملاحقتهم وقتلهم. وكان المستوطنون يقومون بهذا الدور بالفعل لطرد السكان الأصليين من ديارهم ثم الاستيلاء على الأرض. ثم جاء الدستور الأمريكى فى تعديله الثانى الذى تم إقراره فى 1791 ليجعل لتلك الميليشيات وضعا دستوريا. وبعد أن انتهت الحروب الاستيطانية، صار الهدف الأساسى لتلك الميليشيات هو السيطرة على «العبيد»، أى الأفارقة الذين تم استجلابهم من بلادهم مكبلين للعمل كعبيد فى الولايات المتحدة. وقد ظلت تلك الميليشيات حتى بعد إلغاء العبودية مسؤولة عن الكثير من الجرائم ضد السود فى زمن الفصل العنصرى ولا تزال حتى اليوم لها دورها، كما هو واضح من جريمة كنيسة تشارلستون وغيرها.

لذلك كله، لم يكن مستغربا أن يتوجس الكثيرون، من غير السود أيضا، من ظهور تلك المنظمات فى أماكن تجمع السود بأسلحتهم. فلتلك المنظمات أهداف وأفكار متعددة ومركبة. فبينما تستخدم بعضها لغة عنصرية فجة فى خطابها، تستخدم أخرى لغة شفرية وتتبنى أفكارا أكثر تركيبا. فبعض هذه المنظمات تتبنى أفكارا تهدف صراحة لتقسيم أمريكا من أجل بناء دولة مستقلة للبيض فى شمال غرب الولايات المتحدة، بينما تستخدم غيرها تعبير «حقوق الولايات» للنكوص على مكتسبات الأقليات لأن الحكومة الفيدرالية هى التى تبنت تقليديا تلك المكتسبات. وبينما تعتنق بعض تلك المنظمات أفكار اليمين الأصولى، وتفسرها بما يخدم فكرة «التفوق الأبيض»، يؤمن آخرون بأن هناك مؤامرة عالمية تتزعمها الأمم المتحدة ومتورطة فيها الحكومة الفيدرالية لاحتلال أمريكا ووضع أبنائها فى معسكرات اعتقال، بما يلزم معه مواجهتهما بالسلاح. وكل تلك روافد مختلفة لأفكار شديدة العنصرية، كارثيتها أنها مدججة بالسلاح!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية