x

بنى سويف: 3 ملايين «أم مرزوق»

الثلاثاء 18-08-2015 10:53 | كتب: عمر الشيخ |
مرزوق يروى مأساته مرزوق يروى مأساته تصوير : اخبار

نجح فى التغلب على عجزه وعمل سائق توك توك، يسد بجنيهاته القليلة جوع أبنائه وزوجته لكنه لم ينجح فى محو شعور العجز عن إنقاذ والدته التى ماتت دون توفير مكان بالعناية المركزة.

مرزوق عبدالمنعم، الشاب الذى بلغ من العمر 29 عاما، ويقيم فى عزبة مطيريد، التابعة لقرية كوم أبوخلاد مركز ناصر، يروى مأساة والدته لـ«المصرى اليوم»، فيقول: تعرضت لحادث أليم منذ ثلاث سنوات، أودى بى قعيد المنزل فتكفلت بى أمى السيدة المسنة التى تجاوزت من العمر 57 عاماً، كما تكفلت بأولادى الثلاثة وزوجتى،

كانت الأمور تسير بصعوبة شديدة لم تتحملها والدتى، أصيبت بحالة ضيق التنفس، فسارعت بنقلها إلى طبيب القرية الذى منحنى خطاب تحويل إلى مستشفى بنى سويف العام، ومنه بخطاب آخر إلى مستشفى ناصر المركزى لتمتد رحلة البحث عن سرير رعاية دون جدوى.

حميدة صابر عطوة، والدة مرزوق، التى لقيت حتفها دون توفير العناية الصحية اللازمة هى واحدة ضمن 3 ملايين مواطن سويفى تشملهم الصحة بالخدمة عبر 39 سرير رعاية مركزية موزعة على أربعة مستشفيات حكومية «بنى سويف العام اربع أسرة. ناصر المركزى 14 سريرا، الفشن المركزى 11سرير، الوسطى المركزى 12 سرير»، ذلك حسب إحصائيات مديرية الصحة ببنى سويف.

يقول مرزوق: كل مستشفيات المحافظة رفضت استقبال والدتى، حتى الموافقة المبدئية بتوفير سرير والذى أفادنا به مستشفى ناصر المركزى، عبر الاتصال الذى بادر به أحد أطباء قسم العناية بمستشفى بنى سويف تبدد فور أن شرعنا فى اتخاذ إجراءات الدخول، فالمستشفى الذى منحنا الموافقة واستقبل والدتى بكرسى متحرك هو نفسه الذى صدمنا بجملة «مفيش أماكن» ويضيف صرخت «أمى بتموت» وطلبت من طبيب العناية توقيع الكشف الطبى عليها والتأكد من أن حالتها خطيرة فرفض.. فاستوضحت منه «هو علشان أنأ فقير أمى تموت» فكانت إجابته «آه زى ما قلتلك مفيش أماكن»، فأكدت عليه «المستشفى قال هيوفر مكان وعليه حرر خطاب التحويل من المستشفى العام وهو ما سأثبته فى محضر بقسم الشرطة»، فرد «أعلى ما فى خيلك اركبه».

ويكمل: توجهت ووالدتى المريضة إلى قسم شرطة ناصر وحررت بلاغاً ضد طبيب المستشفى رقم3557، سبقته محاولات قام بها رئيس المباحث والمسؤول عن النوبتجية، لكن المستشفى أصر على عدم وجود أماكن ورفضت البحث عن بديل فى مستشفيات المحافظة بحجة «دى مش شغلتنا»، وحينما أكد رئيس المباحث على الطبيب «نسيب الست تموت» كان الرد «خليها تموت»، وهو ما كان فأمى لفظت أنفاسها الأخيرة على الكرسى المتحرك الذى تركتها عليه أمام القسم ويبكى قائلا: أمى ماتت فى الشارع، وقرار إيقاف طبيب الرعاية عن العمل، وتحويل مدير المستشفى إلى التحقيق لن يعيدها من جديد.

ويعترف الدكتور أحمد جابر، مدير مستشفى الطوارئ ببنى سويف، بتفاقم أزمة أقسام العناية المركزة فى مستشفيات المحافظة التى يعانى بعضها وحسب المعلومات من عدم تجهيز أقسام للرعاية بها وكما هو الحال فى مستشفيات سمسطا وببا وإهناسيا.

يقول مدير مستشفى الطوارئ: «تقدمت بمذكرة قانونية لجهات التحقيق بشأن هذا الموضوع خاصة عندما لم نستطع توفير مكان لنائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، والذى تم التنسيق لنقله إلى القاهرة لمستشفى خاص وكنت أنا المكلف بالسفر مع الحالة والمفاجأة أنه لم يكن هناك سرير داخل المستشفى بالقاهرة أيضا ما اضطرنى للبقاء لأكثر من 10 ساعات كاملة قضيتها فى الاتصال بمستشفيات القاهرة، بحثا عن سرير عناية».

ويرجع البعض أزمة غرف الإنعاش بمحافظة بنى سويف إلى عدم توافر الطاقم الطبى اللازم لتشغيلها، حيث تفيد الأرقام بأن عدد القائمين على أقسام الرعاية بالمستشفيات الحكومية لا يتجاوز 93 ما بين أطباء بلغ عددهم ستة معروفين بالأسماء وهم «أشرف عمار، محمود عبدالعزيز، شريف مجدى، أسامة محمد، لمياء عمر، نجاح بولس» بالإضافة إلى 12 طبيبا مساعدا و12 إخصائيا و75 ممرضة.

مصدر طبى أوضح لـ«المصرى اليوم» أن هذا العدد غير كاف لإدارة الـ39 سرير عناية مركزة الموزعة على مستشفيات المحافظة وأنه فى حاجة شديدة ليتضاعف، وكشف أن مستشفيات فى بنى سويف لجأت للتعاقد مع أطباء من القاهرة لتغطية ما تعانيه من عجز ومنها مستشفى الواسطى المركزى.

وقال: «على مدار 3 سنوات لم يتم تعيين أطباء عناية بمديرية الصحة ببنى سويف نتيجة عزوف طلاب كلية الطب البشرى عن التخصص وذلك لتلافى المشاكل مع أهالى المرضى، واستشهد بواقعة اعتداء الأهالى على طبيبة بالعناية المركزة بمستشفى بنى سويف العام ما أدى إلى قيامها بتغيير تخصصها».

شيماء رجب عبدالفتاح، موظفة توفيت والدتها فى أحد المستشفيات العامة، قالت إن هناك فكرة سيطرت على أذهان العديد من المواطنين البسطاء وهى أن غرف العناية المركزة أصبحت من حق الأغنياء فقط والمريض الذى لديه مال من حقه أن يحصل على أى خدمة طبية متميزة فى أى مستشفى سواء حكوميا أو خاصا أو حتى استثماريا.

وقالت إن أطباء العناية المركزة فى بنى سويف أطباء عناية قلب فقط وإن العناية المركزة الموجودة فى المستشفيات الحكومية عناية مركزة عامة لأن العناية المركزة أنواع منها عناية مركزة للأطفال وعناية مركزة للقلب وعناية لحالات الباطنة وهذا غير موجود، مضيفة: «عرفت ذلك من خلال خبرتى مع والدتى التى توفيت فى مستشفى بنى سويف العام فالعناية الموجودة بها عناية مركزة عامة ووالدتى كانت تحتاج عناية باطنة».

ويروى محمد عبدالله، من سكان مقبل بمدينة بنى سويف، قصة مأساوية عاش لحظاتها وهى عندما تعرض شقيقه لحادث سيارة واستمر ينزف لمدة أربع ساعات حتى تجد سيارة الإسعاف أى مستشفى به سرير عناية مركزة ولكن فقد شقيقه حياته بحثا عن سرير والسؤال الذى لم يجد إجابته، حسب قوله، أن الطبيب فى المستشفى الحكومى أو الخاص يقول له السراير مشغولة «خش شوف بنفسك».

المستشار محمد سليم، محافظ بنى سويف، من جانبه قال «وصل الأمر بى إلى أننى عرضت على مسؤولى الصحة ومسؤولى المستشفى الجامعى إقامة الرعاية المركزة للمخ فى استراحتى الخاصة وأن أتركها لإقامة هذا القسم الذى فعلا بنى سويف فى حاجة إليه».

أضاف: «هناك أكثر من 40 مليونا تم توفيرها لتطوير 3 مستشفيات مركزية وهناك خطة حقيقية تم وضعها للنهوض بالمستشفيات عن طريق وزارة الصحة وآخرها قيام نائب الوزير الدكتور أحمد سعفان بزيارة لمستشفيات بنى سويف منذ أسبوع واحد فقط تفقدنا خلالها مستشفى سمسطا المركزى ومستشفى ببا المركزى لمعاينة المستشفيات واقرار البدء فى التطوير وفقا لخطة تطوير المستشفيات على أن تبدأ أعمال التطوير بمستشفى سمسطا المركزى تطويرا عاما وشاملا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية