x

بعد 3 عمليات جراحية: فاطمة تقضى بقية حياتها داخل العناية المركزة بـ«السلام الدولى» والمستشفى يطالب زوجها بسداد 3 ملايين جنيه

الإثنين 27-07-2015 11:55 | كتب: محمد طارق |
فاطمة داخل غرفة العناية المركزة بالمستشفى منذ ١٥ شهراً فاطمة داخل غرفة العناية المركزة بالمستشفى منذ ١٥ شهراً تصوير : اخبار

على سرير طبى فى إحدى غرف العناية المركزة بمستشفى «السلام الدولى» تجاهد «فاطمة أيوب» لملامسة يد صغيرها «على»، الذى لم يتم عامه الثالث بعد، فيبتعد عنها بخطوات بطيئة إلى الوراء دون أن يتعرف عليها، فتحبس بداخلها ألما نفسياً يزيد من ألمها البدنى.

يقول زوجها محمد عبدالشافى، مهندس اتصالات، إنها دخلت إلى المستشفى بعد عام من ولادة على، ابنها الثالث، فى مارس 2014 لاستئصال جزء من ورم حول «الشريان الأورطى» بمنطقة البطن لبيان إن كان الورم حميداً أو خبيثاً، ولم تخرج من المستشفى حتى الآن، بعد مرور 15 شهراً على دخولها.

اليوم تعيش فاطمة بغرفة فى العناية المركزة وجسدها محاط بأنابيب رفيعة تصل بينه وبين أجهزة طبية وشاشات حولها، استبدلت الأكل بالتغذية الوريدية، وهو إجراء تناول المحاليل الغذائية بالحقن فى الوريد، بعد ضعف الجهاز الهضمى نتيجة جراحة أجرتها لاستئصال المرارة والطحال وجزء من الأمعاء الدقيقة فى غضون شهرين من إجرائها للجراحة الأولى.

أصيبت بعدهما بصدمة بكتيرية أدت إلى إصابتها بغرغرينة فى القدم ترتب عليها عملية لبتر أصابع قدمها.

السبب فى ذلك بحسب زوجها هو تعرضها لخطأ طبى من قبل أستاذ جراحة الأورام الذى أجرى لها الجراحة الأولى.

يقول عبدالشافى: عندما ذهبنا بنتيجة الأشعة المقطعية إلى الطبيب فى عيادته، أخبرنا بوجود ورم حول «الشريان الأورطى»، ونصحنا باستئصال جزء من الورم لأخذ عينة منه وتحليلها لمعرفة إن كان الورم حميداً أو خبيثاً.

أجرى الطبيب الجراحة لفاطمة بمستشفى «السلام الدولى»، بعدها بيوم أشارت نتيجة تحليل الورم بعد الاستئصال إلى أنه ورم «حميد» ولن يحتاج إلى استئصال كامل.

وبعد أسبوع من إجراء العملية الأولى عانت من إعياء شديد وقىء مستمر، يقول زوجها إن المستشفى أوصى بإخراجها ولم يكن شفاؤها اكتمل بعد، ويضيف «قبل يومين من خروجها أجريت لها أشعة وتحاليل علمت فيما بعد أنها تشير إلى تدهور بانزيمات الكبد، لذلك عندما خرجت عانت من قىء مستمر وجفاف شديد خلال يومين من خروجها».

يسرد الزوج تفاصيل الجراحة الثانية لزوجته فيقول «عادت فاطمة إلى المستشفى مرة ثانية بعد حوالى 10 أيام على العملية الأولى فأجريت لها أشعة على منطقة البطن والحوض أشارت إلى وجود جزء كبير من الورم لم يستأصل، بالإضافة إلى انسداد الشرايين المغذية للطحال والمرارة، ونصحوا بإجراء جراحة ثانية لاستئصال المرارة والطحال».

حتى تلك اللحظة لم يكن مر على الجراحة الأولى التى أجرتها أسبوعان، ليجرى الطبيب نفسه بمعاونة فريقه المساعد جراحة ثانية لاستئصال الطحال والمرارة جراحياً نتيجة لفقر الدم فى العضوين، بعد انسداد الشرايين فيهما.

حاولت إدارة المستشفى تبرير ما حدث أمام الزوج فأرجعت ذلك إلى إصابة زوجته بمرض مناعى فى الدم أصاب المرارة والطحال المستأصلين بفقر الدم، لكن نتيجة تحليل العضوين فى معامل أخرى نفت وجود أى مرض مناعى بجسم المريضة وأرجعت ما حدث بالعضوين إلى انغلاق الشرايين المغذية لهما وهى المنطقة التى أجريت فيها الجراحة الأولى.

حصلت «المصرى اليوم» على تقارير طبية صادرة من المستشفى، كشفت فيها نتائج التحاليل الواردة من معمل المستشفى إلى الطبيب بعدم وجود أى مرض مناعى بالمريضة، قبل أن تتغير هذه النتائج فى التقرير الثانى إثر مخاطبة الطبيب لمعمل المستشفى.

يعتقد عبدالشافى زوج المريضة أن هناك تلاعباً حدث فى التقارير، شيئاً آخر يدلل به زوجها على عدم وجود أى مرض بزوجته، يقول: «لقد أجرى لها ثلاث عمليات ولادة قيصرية بين 2009 و2012 ولم يظهر أى مضاعفات سواء انغلاق شرايين أو أوردة»، يضيف: «جميع المضاعفات التى حدثت بها كانت فى المنطقة التى أجرت فيها العملية».

فى 12 إبريل عادت فاطمة إلى المستشفى بعد خروجها بأيام، أجريت لها فحوصات وتحاليل أوضحت وجود التهاب شديد بجدار المعدة وتقرحات بالأمعاء الدقيقة، طبقاً لتقرير المستشفى ازدادت شدة وكشفت الفحوصات عن غرغرينة بالأمعاء الدقيقة أدت إلى جراحة لاستئصالها، ومكثت فى الرعاية المركزة لمدة شهر.

يقول زوجها: «بعد أن دفعنا نظير الجراحة والرعاية 300 ألف جنيه من مارس إلى مايو، قرر المستشفى تحمل مصاريف العلاج والرعاية الصحية فيما تلى العمليات، عدنا فى يونيو لمتابعة حالتها وأصيبت خلال وجودها فى المستشفى بانقباض للأوعية الدموية وحدثت غرغرينة بأصابع الأرجل ترتب عليه بترها، وظلت على أجهزة التنفس الصناعى 50 يوماً.

وتحولت إقامتها بالعناية المركز إلى إقامة دائمة، بعد 3 عمليات استئصال لأجهزة وعملية بتر لأصابع القدم فى أقل من شهرين.

الآن يطالب مستشفى «السلام الدولى» الزوج بدفع مبلغ 3 ملايين جنيه نظير الرعاية التى توافرت لها خلال تلك الفترة، بحسب ما يقول، وطلبت منه نقل زوجته إلى أحد المستشفيات الحكومية.

وصلنا إلى المدير الطبى بـ«مستشفى السلام»، الدكتور «م.ع»، الذى نفى من جهته أى خطأ طبى تعرضت له المريضة منذ دخولها إلى المستشفى، لكنه لم يفسر سبب المضاعفات التى حدثت للحالة مكتفياً بقوله: «إذا كان زوجها يرى أن هناك خطأ طبيا عليه أن يذهب إلى الجهات المعنية للتحقيق فوراً»، ورفض أى تعليق آخر بحجة عدم إفشاء أسرار المرضى.

وحين حاولنا الوصول إلى مكتب رئيس مجلس إدارة المستشفى، نفسه، أخبرتنا مديرة المكتب أنها ستتصل بنا لاحقاً ولم تتصل.

ما وقع لفاطمة يقع لعدد كبير من المواطنين فى ظل غياب إطار تشريعى أو قوانين تضمن حماية حقوق المرضى وكذلك تشريعات للمساءلة الطبية، بحسب الدكتور علاء غنام، مسؤول برنامج الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يقول: «لا توجد هيئة مستقلة لأخلاقيات المهنة، ونقابة الأطباء ليس من واجباتها لعب هذا الدور لأنه سيمثل ازدواجاً فى العمل النقابى القائم أصلاً على حماية حقوق الأطباء».

ويضيف غنام: «عندما حاولنا الحصول على الشكاوى المقدمة من المواطنين إلى وزارة الصحة أخبرتنا الوزارة أن الشكاوى تتجاوز عشرات الآلاف، وتتنوع بين الأخطاء الطبية ومزاولة المهنة دون ترخيص، لكن للأسف ليس لدى الوزارة أى قاعدة بيانات بشأن تلك الأخطاء الطبية، لأن القطاع الخاص خارج سيطرة الوزارة تماماً».

يقترح غنام إنشاء كيان جديد منفصل عن الهيئات الموجودة يكون هدفه حماية أخلاقيات المهنة ومتابعة معايير ممارسة الطب، مثل إنجلترا التى توجد بها مجلس طبى أشبه بمحكمة هدفه حماية المهنة من الأخطاء، وهو هيئة مستقلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية