x

جمال الجمل عكاشة في الكماشة.. (فيلم الموسم) جمال الجمل السبت 15-08-2015 22:51


«مصر اليوم».. هذا هو العنوان الذي اختاره الإعلامي توفيق عكاشة لبرنامجه التليفزيوني، لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، فالعنوان يصلح صفة لحال الوطن كله.

أشعر بقليل من الغضب وكثير من الخجل وأنا أكتب صفة «الإعلامي» قبل اسم توفيق عكاشة، ليس بسبب لغته العفوية البسيطة، ولا اعتراضا على أسلوبه في عرض قضاياه، ولكن بسبب استخدامه هذا الأسلوب في «التضليل» وليس في «التوصيل».

استيقظت الأمة على خبر خطير من طراز الدرجة الأولى في خدمات «الترافيك»:

«القبض على توفيق عكاشة».. «الداخلية تخطف صاحب قناة الفراعين».. بالإضافة طبعا للتنويعات المطلوبة والاكسسوارات المصاحبة لعكاشة وقناته وأخباره: «حياة الدرديري تعيد وتزيد عن البطل الوحيد...»، أنصار عكاشة يهتفون: «حبسك بيحرر وطن»، ومحامي عكاشة «يتهم وزير الداخلية بتلفيق اتهامات لموكله».. إلخ.

الدراما تتواصل في أجواء من «الفارص والسركازم» الرخيص، والجمهور يتابع على اختلاف فئاته، فالمفارقة مذهلة، جاذبة للانتباه، ومثيرة للسخرية والتأمل معا.. عكاشة في كماشة النظام الذي صنعه، ودعمه، ومَوَّلَه، وحَمَاه!!

ما سر الانقلاب إذن على نصير النظام المتين وعَرَّافه الأمين؟

تتردد التأويلات عن صراع الأجنحة داخل النظام، ويضحك الثوريون من المفاجآت المتتالية على طريقة «كوميديا الموقف»: الحكيم بعد توبيخه وتعنيفه ينقلب لُغويا على النظام الذي باع أهله من أجله ويعلن رغبته في الهجرة إلى إسرائيل، وقنديل يلم قصاصات صحيفته المفرومة بلا سبب سياسي، فالجريمة نشر «خبر اجتماعي» كما قال متظلما لجمهور لم يعد جمهوره، ووزارة الداخلية تقبض على رجل النبوءات لتنفيذ أحكام منتهية الصلاحية من نوع غرامة ونفقة وتبديد سرير وكنبة، والبدوي الذي ينفق الملايين كل صباح مهدد بالسجن بسبب شيك قيمته لا تتجاوز فاتورة عشاء للغاضبين داخل الهيئة العليا لحزبه العريق.

ماذا يجري في مصر؟

أظنها فانتازيا آخر حاجة، أظنها مسخرة جدي، أظنها مقالب زكية زكريا التي تعيد أضواء السلطة والشهرة للأجهزة التحتانية... رسائل يا عزيزي، رسائل!.

يقول المتابعون لعروض عكاشة الساخرة أنه خرج على النص، بعدما سحبت الداخلية، عساكر الحراسة المخصصة له، فظهر في «مصر اليوم» يصرخ: أنا عتريس.. أنا الثائر الذي يريد الإخوان الانتقام منه واغتياله، ووزير الداخلية يساعدهم برفع الحراسة عني!

وعلى طريقة فتشني فتش للراحل إسماعيل يس قال عكاشة: «أناشد الإرهابيين يقتلوني.. أي حد عايز يقتلنى يتفضل، أنا موجود في مدينة الإنتاج، وخارج بعد البرنامج مباشرة، وهقعد شوية علشان الإرهابي يجهز نفسه ويلحق ييجي يقتلني، علشان هي دى مصر».

وبمنتهى الشفافية الثورية يوجه عكاشة حديثه على الهواء لوزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار قائلا بالبلدي المفتشر: «تعالى لفق لى قضية يا عم مجدى أنا قاعدلك على الهوا أهه».

ثورة دي وللا انقلاب؟

سألت الداخلية نفسها وهي تضرب كفا بكف، وطلبت من الأمن الوطني الملف، وفتشت في خلفية عكاشة: عباسية أم تحرير؟، فتح أم حماس؟، سعودية أم إيران؟، عسكر أم إخوان؟، قناة أم تفريعة؟، مخبر أم متخابر؟.

كانت المهمة صعبة، وبعد حل الرموز المشفرة اكتشفوا المؤامرة الخطيرة التي كان الإعلامي الداهية يتكتمها: الشرير متخانق مع طليقته وضارب واحد وشاتم واحد!

ياااااه

كل هذه الجرائم الفظيعة استطاع المجرم أن يخفيها، لكن الأمن اليقظ استطاع بخبرته وحنكته أن يكتشفها «في الوقت المناسب» ويتحرك بسرعة ليقبض على الشرير ويزج به في السجن!

أعتبر ده وعد يا وزارة؟

هل هذه كلمتكم الأخيرة، أم أنها «هتنزل المرة دي؟»، ونكتشف أن الاحكام موقوفة التنفيذ، ومتصالح عليها، وأن الأمر ليس إلا تلاعب بالقانون للتأديب والتهذيب، و«شد الودان» و«تظبيط الزبون»؟

أظن أن الإجابة لن تتأخر كثيرا، لأن السيناريو ضعيف، والحبكة مفقوسة، والفيلم كله من أفلام المقاولات.

سيما أونطة.. هاتوا فلوسنا

* أذكركم بالحكمة العظيمة التي وردت في هذا المقال على لسان فارس الثورة والحرية المناضل توفيق عكاشة، وأذكركم أنه من الجائز أن تأخذوا الحكمة من أفواه المعكوشين: «علشان هي دي مصر»

قالها المناضل، ودفع ثمن قولته الشجاعة، ويالها من حكمة خالدة: علشان هي دى مصر!

جمال الجمل

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية