x

منار الشوربجي هيروشيما وناجازاكى منار الشوربجي الثلاثاء 11-08-2015 21:15


فى الرابع عشر من أغسطس منذ سبعين عاما، أعلن الرئيس الأمريكى هارى ترومان نهاية الحرب العالمية الثانية بعد ساعات قليلة من إعلان اليابان استسلامها الكامل على لسان الإمبراطور هيروهيتو. كانت اليابان قبل ذلك بأسبوع واحد على موعد مع القنبلة الذرية. فقد ألقت الولايات المتحدة القنبلة على هيروشيما، فقتلت مائة ألف شخص، بينما مات بتأثيرها عشرات الآلاف بعدها بأيام. وبعد ثلاثة أيام، ألقت الولايات المتحدة القنبلة الثانية على ناجازاكى، التى قتل فيها حوالى ثمانين ألفا، ناهيك عن الآلاف الذين تشوهوا وحرقوا وماتوا لاحقا. وحسب صحيفة «جابان تايمز»، فإن تقرير راديو طوكيو وقتها، قال إن «كل شىء حى» فى المدينتين «احترق حتى الموت».

وقد روجت الولايات المتحدة وقتها إلى أنها لجأت لاستخدام القنبلة الذرية من أجل إنهاء الحرب دون الحاجة لغزو اليابان واحتلالها. وهى حجة ثبت زيفها لأن الولايات المتحدة احتلت اليابان بالفعل بعد أن ألقت القنبلتين. وهى قالت أيضا إن مبرر إلقاء القنبلتين كان التسريع بإنهاء الحرب. غير أن الكثير من المؤرخين يقولون إن الحرب العالمية الثانية كانت قد انتهت عمليا وإن اليابان كانت على وشك الاستسلام أصلا دون الحاجة لاستخدام القنبلة الذرية. فبعد أن ارتكبا فظائع كثيرة، مات موسولينى ثم هتلر فى إبريل 1945، وانهزمت إيطاليا وألمانيا فانتهت عمليا الحرب فى أوروبا قبل إلقاء القنبلتين فى أغسطس من العام نفسه. أما اليابان، بعد هزيمة الاثنين، فكانت تسعى للتفاوض مع الحلفاء لإنهاء الحرب وكان شرطها الوحيد هو بقاء الإمبراطور، الذى كان يمثل، على الأقل وقتها، مكانة مقدسة فى الثقافة اليابانية. والولايات المتحدة، كما يقول عالم التاريخ الأمريكى الراحل هوارد زين، كانت تعلم بنية اليابان الاستسلام، لأن الاستخبارات الأمريكية كانت قد نجحت فى فك الشفرة السرية اليابانية وكانت على علم بالمراسلات السرية بين الإمبراطور وسفرائه فى الخارج. وكانت إحدى تلك الرسائل للسفير اليابانى فى موسكو واضحة فى توجيهها بخوض «مفاوضات سلام» وفق هذا الشرط الوحيد.

وهناك نظريات مختلفة ساقها المؤرخون للأسباب الحقيقية وراء قيام الولايات المتحدة بإلقاء القنبلتين منها، مثالا لا حصرا، ما يؤكده الروس من أن الولايات المتحدة كانت تريد استسلام اليابان قبل إعلان الاتحاد السوفيتى رسميا خوضه الحرب ضدها لئلا تضطر لتتقاسم معه احتلال اليابان، كما حدث فى ألمانيا. وهناك نظرية أخرى أشارت لها مؤخرا مواقع يابانية تؤكد أن الولايات المتحدة كانت قد أنفقت مبالغ طائلة على «مشروع مانهاتن» لتطوير القنبلة الذرية، فكان لابد من استعمالها ولو على الأقل لتجريب أثرها، خصوصا أن قنبلة هيروشيما كانت من البلوتونيوم، بينما كانت قنبلة ناجازاكى هيدروجينية.

ولست متخصصة فى التاريخ ولا الطاقة النووية، لكن الواضح أن الولايات المتحدة لم تكن تقبل بأقل من الاستسلام الكامل واحتلال اليابان وتحويل الإمبراطور إلى أداة فى يد الاحتلال يتلقى التعليمات من الجنرال دوجلاس ماكارثر. فقبل إلقاء القنبلة بفترة قصيرة، قال ترومان «لو لم يقبلوا شروطنا الآن، فعليهم أن يتوقعوا أمطارا من الدمار لم تر هذه الأرض مثلها من قبل». وبالفعل، كانت تلك هى المرة الأولى التى عرفت فيها البشرية الاستخدام الفعلى للسلاح النووى وخبرت ما يعنيه من دمار. وليتها تصبح المرة الأخيرة التى تشهد فيها الأرض مثل ذلك الجنون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية