كنت قد آليت على نفسى ألا أكتب مرة أخرى عن الأستاذ فهمى هويدى من حيث هو ممثل خير تمثيل لرذيلة معينة تتسم بها نوعية من الكتاب الذين يتظاهرون بالعلم والثقافة، والذين يمارسون هذا التظاهر بقدر من البراعة والحرفية بحيث كثيرا ما ينطلى أمرهم على القارئ العادى فينخدع بهم ويصدق أنهم بالفعل كذلك!! لكن القارئ المدقق سرعان ما يكتشف أنهم يستشهدون بكتاب لا يعرفون عنه شيئا!، أو يشيرون إلى كتب سرعان ما يتبين أنهم لم يقرأوا حتى غلافها.. مجرد الغلاف!!.. كنت قد آليت على نفسى ألا أعود إلى هذا الجانب من رذائل الأستاذ فهمى رغم اعترافى بالمزايا العديدة التى تتمتع بها كتاباته والتى لا يستطيع أن ينكرها أحد، مكتفيا بما سبق أن قلته بهذا الخصوص حين قدمت برهانا ساطعا وقاطعا على رذيلته تلك فى المقال الذى نشرته فى «المصرى اليوم» بتاريخ 2014/5/15 بعنوان: «ثقب فهمى هويدى» تعقيبا على مقاله المنشور فى الشروق بتاريخ 2015/5/8 بعنوان: «أن تطل من ثقب صغير» والذى استشهد فيه برواية جزمت على الفور وما زلت إلى الآن أجزم بأنه لم يقرأها رغم أهميتها البالغة بالنسبة لسائر المهتمين بالفكر والإبداع الذين يندر جدا أن نجد من بينهم منتميا إلى جماعة الإخوان أو متعاطفا معها، وعلى أى حال فإن الأستاذ فهمى هويدى ليس من هذه القلة النادرة المتابعة فعلا للفن والفكروالإبداع، ولكنه واحد من الفئة المقابلة المتظاهرة كذبا بأنها من ذوى الاطلاع الواسع والمعرفة العميقة سواء بالأدب العربى والآداب العالمية أو غير ذلك من المجالات،.. كنت قد آليت ذلك على نفسى والتزمت به فعلا حتى لا أبدو متصيدا له هفواته من موقع رفضى للقناعات الأيديولوجية التى يؤمن بها سيادته، ولقد تغاضيت من ثم عن كثير من تلك الادعاءات التى ادعى فيها أنه قرأ لفلان أو علان طالما أن تلك الادعاءات فى حدود ما هو سائغ وقابل للتصديق!، لكننى لم أستطع أن أكتم نفسى عندما قرأت مقاله المنشور فى الشروق بتاريخ 2015/8/6 بعنوان: «عن القناة سألونى» الذى يستشهد فيه كعادته بما لم يقرأ، إذ استشهد فى هذه المرة بما تصور أنه كتاب لمحمد الماغوط، ومادام كتابا فلا بد أن تكون له فصول!!، وبوسعه من ثم أن يصف تلك الفصول بوصف يتماشى مع العنوان ليخدع به القارئ ويوهمه أنه قد قرأ الكتاب المزعوم!! وعلى هذا يقول الأستاذ هويدى عن (الكتاب): لقد جاءت فصوله بمثابة حزمة من الأجراس التى لا تكف عن الرنين المدوى!!،.. يا سلام!!.. الذى لم يخطر على بال هويدى أن ما يستشهد به ليس كتابا من كتب الماغوط!!، (وما أكثر تلك الكتب)، ولكنه ديوان شعر!!، وديوان الشعر كما هو معروف ليس مكونا من فصول، ولكنه مكون من قصائد! (أتساءل جادا هنا: هل يعرف الأستاذ فهمى هويدى هذه المعلومة أم يجهلها باعتبار أنه ـ شأنه فى هذا شأن أغلب المنتمين إلى جماعة الإخوان والمتعاطفين معها ـ لا يقرب الإبداع عموما والشعر الحديث خصوصا؟)، أما الديوان الذى استشهد به هويدى وهو يتصوره كتابا مكونا من فصول، فهو ديوان.. «الفرح ليس مهنتى» الذى هو من أشهر دواوين الماغوط ومن أشهر دواوين الشعر العربى الحديث على الإطلاق!!.. يقول الأستاذ هويدى قرب نهاية مقاله وكأنه قرأ ما هو أكثر من العنوان: «إذا جاز لى أن أقتبس العنوان فلعلى أقول: «التهليل» ليس مهنتى ونحن بدورنا نقول له.. لقد صدقت يا أستاذ فهمى، فأنت حقا لا تمارس التهليل.. لكنك تمارس ما هو أسوأ بكثير: التضليل».