x

جيهان فوزي هو انت بتحب بلدك بجد؟! جيهان فوزي الجمعة 07-08-2015 21:01


أفرز مشروع قناة السويس الجديدة منذ الإعلان عنه كمشروع اقتصادي قومي مرورا بآليات تنفيذه حتى موعد افتتاحه الذي كان أمس، حالة من الهستيريا السياسية بين المؤيد والمعارض والمستهزئ!! لكن أكثر ما كان لافتا للانتباه تلك الحالة الديماغوجية التي تبناها البعض للنيل من قيمة هذا المشروع مهما كانت ضآلتها، وتنصيب أنفسهم خبراء استراتيجيين في السياسة والاقتصاد، وهم من أبواق فيسبوك الزاعقة ليس لديهم خلفية لا ثورية ولا سياسية ولا حتى يفقهون شيئا في كيف يكون حب الوطن والانتماء له عزيزا!

لا أجد أي مبرر لكل من اعترضوا على هذا المشروع التنموي، وكالوا له من السباب والشتائم ما يثير الدهشة، كل هذا الحقد والاستخفاف والتقزيم من قيمة المشروع لمجرد أنه خرج من عباءة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يكنون له كل ضغينة وكره ويتصيدون له الأخطاء في كل شاردة وواردة، ولا يفسحون المجال لأي حقيقة واضحة رأي العين تتحكم في آرائهم العبقرية المخملية.

لم أجد حتى تعليق واحد يستند إلى المنهج العلمي في تقييم المشروع بعيدا عن روح التشفي والتحقير من شأنه، حتى شعرت أننى أواجه الإعلام الإسرائيلي المبرر له هذا التحقير إن فعل وحتى هذا لم يحدث! لم يستخف الإعلام الإسرائيلي بالمشروع كما استخف به المصريون أنفسهم!! فما الهدف من وراء إطفاء بريق الأمل والفرحة في وجوه الناس المحتفلة بهذا المشروع؟؟ هل لأنهم أمنوا به ودفعوا فاتورته مسبقا؟ هل لأنهم أرادوا ألا يرتهنوا بقروض وديون خارجية تكبل اقتصادهم وتطفئ فرحتهم بإنجازهم التاريخي؟ استكثروا عليهم الفرح بـ«الترعة» مثار الجدل!!

ما الذي يضير هؤلاء إن كان هذا المشروع سينجح أم سيكتب له الفشل؟ وهل سيكون له مردود اقتصادي يشعر به المواطن أم لا؟ ما داموا أصدروا عليه حكمهم واعتبروه مشروعا فاشلا يقتصر على الشو الإعلامي لكسب تعاطف وود الشعب المغيب، وتهدئة الرأي العام العالمي تجاه النظام في مصر!!

المحير في الأمر أن أيا من هؤلاء لم أشعر بخوفهم على بلدهم ليخرج من كبوته، بقدر رغبتهم الشديدة في الثأر من شخص ورمز الدولة! لم أشعر أن الانتماء والغيرة على هذا الوطن هما مصدر الهجوم على الرئيس عبدالفتاح السيسي، بقدر ما هما استعراض ساذج لثقافة ثورية ضحلة ولدت سفاحا دون أن يكون لها أب تنتمي له، يرسخ فيها قيمة الانتماء والإحساس بنعمة الوطن التي تعلو على أي قيمة، يمكن أن تتحقق تحت شعارات براجماتية رنانة الهدف الأول منها خداع النفس قبل خداع الآخر!! .

غاظني كثيرا ما رأيته من تعليقات على فيسبوك وتويتر، وكلها تحمل معاني التشفي والاستخفاف والشماتة والاستعراض بثقافة مبتورة تحت عنوان «الوعي»!! لم ألمس بين حنايا كلماتهم المسمومة أي رغبة في إصلاح الوطن أو حتى من منطلق الخوف عليه، الرغبة الوحيدة التي كانت غالبة هي رغبة الانتقام والاستخفاف!! اختزلت المشاكل في شخص السيسي وأصبح هو الوحيد المسؤول مسؤولية مطلقة عن كل ما يعانيه المواطن من كوارث ومصائب، وتناسى هذا القطيع مسؤوليته المطلقة عن الانتهازية التي عايشها لأكثر من ثلاثين عاما، وبدأ يتعافى منها ويتنصل من تبعاتها ويتباكى على حريته المستلبة، ويشهر سلاح الثورية في وجه كل خائن ارتضى لنفسه الذل والمهانة في ظل نظام فاسد يستكمل فساد أسلافه!! وتجاهل عمداء السياسة المخضرمون حدثا كبيرا كهذا، أمثال الدكتور البرادعي الذي يغرد دائما خارج السرب وراح يتحدث عن ذكرى قنبلة هيروشيما! وكتب باسم يوسف تدوينة ساخرة من كلمة واحدة «فرحت»!!

هل أنا من عبيد البيادة؟ لن أدافع فليس هذا شأني، ولكنى طالما رأيت أن الإحساس بالانتماء لهذا الوطن شبه معدوم لدى الكثيرين، الانتماء إحساس فطري، ولو كان هناك إخلاص وحب للوطن لنهشتهم الغيرة على شوارع نظيفة خالية من أرتال القمامة المنتشرة في كل مكان، لأكلتهم نار النخوة أن تصبح بلادهم في مصاف الدول المتقدمة بعلمها وحضارتها وسلوكها الراقي المتحضر في كل مؤسسات الدولة، لآمنوا بأن تكون الشوارع مرصوفة محفوفة بالأشجار المزهرة، والطرق المعبدة، واجتثاث حالة الفوضى المرورية التي عجزت عن تنظيمها خطط ودراسات خبراء دوليين استوردتهم الحكومة، وتطبيق النظام بحزم وصرامة، وإلا فلماذا تلتزم بقواعد وقوانين الدول التي تسافر إليها ولا تجرؤ على مخالفتها؟ أليس وطنك أحق وأولى بهذا الالتزام؟!

ستقول إن الدولة مسؤولة عن كل ذلك، هذا صحيح لكن أنت أيضا تقع عليك مسؤولية أكبر فيما لو شعرت بالانتماء الحقيقي لوطنك وتخلصت من السلبية، الذي سيقودك إلى الإحساس بالغيرة الشديدة لأن تكون في بلد يتمتع بكل مواصفات الرقي والتقدم «فعلا» وليس «شعارات»، فإذا لم تستطع الدولة القيام بكل شيء بادر أنت بفعل شيء مهما كان بسيطا، بادر بنفسك ولا تكن سلبيا شعارك «وأنا مالي» .

الانتماء ليس مجرد كلام مرسل تلوكه الألسن وتتباهى به الجماعات الثورية لتدافع به عن نفسها، الانتماء إيمان وعقيدة راسخة في الأذهان يترجمها الفعل، وللأسف هذا الفعل مشوه مبتور بدليل كل ما نعانيه الآن من مظاهر سلبية، لأن ثقافة الاتكالية والتنطع والاستعباد مازالت هي المسيطرة!!

الذين يشككون في مشروع قناة السويس الجديدة «الترعة».. ترعة، بحيرة- أيا كانت تسميتها- في حضن الوطن، أفضل كثيرا من بحار ومحيطات في حضن احتلال، إذا خلصت النوايا وعملنا بحب لهذا الوطن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية