x

أيمن الجندي فنكوش إعمار مصر أيمن الجندي الجمعة 07-08-2015 21:02


كنت واحدا من ضحايا اكتتاب إعمار مصر، والذى سبقته حملة إعلانية مكثفة عن الفرصة التى لا يتركها إلا أحمق. قالوا وقتها إن شركة إعمار سوف تطرح أسهمها فى بورصة مصر. ولأنهم يحبوننا ولا ينامون الليل من حبنا، فإن الشركة الأمّ قررت أن تطرح السهم فى مصر بسعر يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية. ولم يكن باقيا سوى أن تنصب سرداقا مما يُنصب بالموالد، مع مصابيح خضراء وحمراء، مع نصاب يهتف وهو يضغط على حرف (الراء): قررررررب. قرررررب.

وهكذا (قرّبت) برغم أننى أفلست سابقا فى البورصة المصرية، واضطرنى الإفلاس إلى العمل بالغربة! وبرغم أننى قضيت أسود أيام عمرى فى تلك المحرقة التى تُدعى (البورصة المصرية)! وبرغم أن صديقى تأملنى واجما وقال بعد إطراقة طويلة: «إن الأحمق وماله يفترقان سريعا»، وإننى تلفت يمينا ويسارا باحثا عن أحمق فلم أجد غيرى!

وقد كان. بكل سعادة اشتركت فى الاكتتاب. ولم أكن وحدى فالجميع فعلوا مثلى. بدون مبالغة باع القطيع كل ما يملكون، واقترضوا من أصدقائهم مع وعد بالربح السريع! بدون مبالغة رهن المتحمسون (صِيغة) زوجاتهم، واستلفوا تحويشة عمر خالاتهم، وفكوا شهادات استثمار أولادهم من أجل أمل الحصول على أسهم! بصراحة لا ألومهم خصوصا أن الشركة تعهدت ألا يقل سعر السهم عن سعر الاكتتاب فى الشهر الأول فماذا تريد أكثر من ذلك؟ معروف أيضا أن الاكتتاب هو الشيء الوحيد المضمون فى البورصة. وأنه ما من أحد دخل اكتتابا إلا وقد صار جميلا ورائعا وأزرق العينين ويُشار له بالبنان: «هذا هو المحظوظ الذى دخل الاكتتاب».

وهكذا تمت تغطية الاكتتاب ستة وثلاثين مرة. وتم جمع أكثر من مليارى جنيه من قروش المصريين الشحيحة. واقترب موعد طرح السهم بالبورصة. وأوصيت شركة السمسرة التى أتعامل معها أن تشترى لى- كنوع من النصاحة المؤذية- المزيد من الأسهم!

والذى حدث كان مفاجئا ويتخطى أقصى توقعاتى سوادا. إذ هبط سعر السهم عن سعر الاكتتاب فى اليوم الأول! فلماذا إذاً تدافعنا كالقطيع وغطينا الاكتتاب 36 مرة إذا كان متاحا لنا أن نشتريه من السوق بسعر أقل؟

طلبوا منا ألا نيأس. قيل لنا إنه كانت هناك ضغوط بيعية هائلة على السهم بسبب هؤلاء الذين اكتتبوا بالاقتراض من شركات السمسرة التى أجبرتهم على البيع فى اليوم الأول. لكن بدءًا من الغد سوف يرتفع السهم إلى عنان السماء ويرفعنا معه.

ما حدث منذ ذلك الحين وحتى الآن كما يلى: إذا ارتفعت البورصة ارتفع السهم قرشا أو قرشين. أما إذا انخفضت البورصة فإنه يهبط بسرعة رجل مفلس قفز من الطابق العاشر.

وهكذا خسرت مالى فى البورصة للمرة الثالثة. عدت إلى صديقى الذى ضحك وقال إنه لن يتعاطف معى هذه المرة نهائيا. بل إنه سعيد بما جرى. قال لى أيضا إننى أتمتع بنفسية المقامر! ولولا أننى ولدت فى وسط اجتماعى محافظ لكنت الآن جالسا على البرتيتة وبجوارى حسناء وكأس شمبانيا.

وأخيرا هل تتكرم الجهات الرقابية ببحث ما يتعلق بهذا الاكتتاب؟ هل تم تقييم السهم بأكثر من قيمته الحقيقية؟ ما تفسيرهم أن يُباع السهم بعد ثلاثة أيام من صدوره بسعر يقل عن الاكتتاب بأكثر من 15%؟ وهل ثمة وقائع فساد تحيط بذلك؟

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية