وقف المصريون، صباح أمس، على أطراف أصابعهم، فى انتظار الإعلان عن افتتاح القناة الجديدة، وأظن أن حالة الترقب الشديد، التى عشناها بامتداد الأيام السابقة على الافتتاح، قد انتقلت، وكأنها عدوى، إلى جزء لا بأس به فى العالم من حولنا.
وحين كنت، صباح أمس، فى مدينة طنجة المغربية، التى تطل على البحر المتوسط، والمحيط الأطلنطى معاً، فإننى قد لمست شيئاً من هذا فى عيون كثيرين من الأخوة فى المغرب، وكان كل واحد يلقاك منهم، يجد نفسه وقد بادر بسؤالك عن آخر أخبار القناة الجديدة، قبل أن يسألك عن حالك، وقبل أن يجيب لك عن أى سؤال تطرحه عليه!
وعلى مدى الأيام التى سبقت 6 أغسطس، كنت أنت لا تصادف أحداً، فى أى طريق داخل البلد، إلا وتكتشف أنه شديد القلق من هذا اليوم، وكنت تكتشف أنه يدعو الله تعالى أن يمرره، كيوم علينا، بخير، وكذلك الأيام السابقة عليه.
وحتى لحظة كتابة هذه السطور، فى ساعة مبكرة من صباح الخميس، كان قد تبين لنا أن كل الأيام التى مرت علينا، قبل 6 أغسطس، قد مرت بخير، والحمد لله، وعندما ترى هذه السطور النور، سوف يكون اليوم نفسه، قد مر، وسوف يكون قد مضى بالطول أو بالعرض، وسوف يكون افتتاح المشروع الكبير قد جرى، رغم أنف الذين لا يريدونه، والذين راحوا يشوهونه منذ أول لحظة فيه، والذين لما فوجئوا أن المصريين كانوا عند عهدهم فى إنجازه، راحوا أيضاً يقللون من شأنه، غير أن لنا أن ننتبه إلى شىء أهم فى الموضوع، هو أن كل ذلك لن يغير من الأمر شيئاً، ولن ينال من مشروعنا الذى كان الرئيس على حق تماماً عندما وصفه، فى أول أيام عيد الفطر، بأنه، كمشروع، يظل رسالة سلام وتنمية منا إلى أرجاء الدنيا حولنا!
ولابد أنك سوف تسأل نفسك، فى حيرة بالغة، عن الداعى إلى هذا القلق البالغ الذى سبق الافتتاح، إذا كان المشروع، فى مضمونه، يمثل رسالة سلام وتنمية، وإذا كان المصريون يقدمونه هدية لحركة التجارة العالمية قبل أن يقدموه هدية لأنفسهم، وقبل أن يحسبوا العائد الذى يمكن أن يأتيهم من ورائه؟!.. ما وجه القلق الشديد، إذن، إذا كنا لا نتكلم مع الدنيا، ونحن نفتتحه، إلا عن السلام، وإلا عن التنمية؟!
هل لأن المصريين قرروا، منذ 30 يونيو 2013، أن يكون أمرهم بأيديهم، لا بأيدى الذين خدعوهم والذين وراءهم؟! إنها هذه بالضبط، ولا شىء غيرها، ولهذا، فإن علينا أن نتحسب، وأن نتوقع، ثم نتجاوز ونستوعب، لأنه لا طريق آخر أمامنا، ثم إن علينا أن نردد دائماً أن السلام والتنمية، كفكرة، هى الأساس فى مشروعنا، وأن نعتمد فيه، وفى غيره، على أنفسنا، فى الأول، وفى الآخر، لأنه لا أحد سوف يساعدك، إلا إذا ساعدت نفسك أولاً.