x

خالد منتصر المدرسة هل هى دار تربية أم حلبة سباق؟! خالد منتصر الخميس 06-08-2015 21:35


وصلتنى رسالة من دمياط بتوقيع صالح سعد، يستعرض فيها وجهة نظر لابد أن تُعقد من أجلها مائدة مستديرة لمناقشة كارثة مصر ومصيبتها المزمنة ألا وهى مأساة الدروس الخصوصية، أو ما يُطلق عليه ظاهرة الدرسجية، يقول صالح سعد فى رسالته:

إنهم الدرسجية.. صداع الأسر المصرية وحكاية كل عام عن مدرسة لا رجاء فيها.. وعن سوق سوداء تنهب ميزانية الأسرة.. قصة معادة مكررة.. وكأنها قصة يرويها الشاعر أبو ربابة.. حفظها الناس.. لكنهم يواصلون الاستماع إليها مُكرَهين، وكى لا يصاب الأصدقاء بالملل، سأحكى الحكاية بطريقة أخرى، لعلها تحظى بالاهتمام ودون ملل، تبدأ القصة بسؤال مهم عن لماذا يذهب الأطفال إلى المدرسة؟؟، فإن كانت الإجابة هى لتربيتهم وتعليمهم ورعايتهم فرداً «فرداً» وحسب قدراته، ولأننا شعب يؤمن بأن كل إنسان منا مُيَسّر لما خُلق له، فإن كانت هذه هى إجابتنا عن سؤال لماذا يذهب الأطفال إلى المدرسه؟؟، لما كانت أصيبت المدرسة بعاهة الدرسجية.

لكن الحقيقة المرة التى نخفيها ونضمرها فى نفوسنا هى أننا ندفع بأولادنا إلى حلبة من حلبات سباق الخيل، جميعهم ذاهبون لمباراة للفوز بالكأس فى مباراة (انتقامية.. انتقائية) لا رحمة فيها ولا هُدنة، يذهب أولادنا الطلاب إلى مسابقة الامتحان كما يذهب طلاب الوظائف للمسابقة، وهما فى الحالتين كخيل السباق، وحول حلبة السباق نمت وترعرعت أسواق الدرسجية، وأمام حلبة سبق الخيل يقوم الدرسجية، باعة المنشطات (أقصد المذكرات)، التى لا تحوى علماً «ولا تهدف إلى تربية، فلا هَمّ لهم إلا أن يفوز خيلهم فى السبق، والدرسجية يعرفون ذلك، ويعرفون أن زبائنهم قادمون إليهم لشراء ورقة يانصيب للفوز فى سباق الخيول، وما بين مدرسة لا تُربِّى ودرسجى يبيع لنا ورقة يانصيب، تدور أزمة المدرسة المصرية، حينما هُزمت المدرسة فى قضية التربية فكانت خسائرنا فى أولادنا بالكوم، فيما فاز بقيمة الجائزة الدرسجى، بياع أوراق اليانصيب، إن شئنا أصدقائى الكرام أن نقضى على الدرسجية فيجب أن نؤمن بأن أولادنا يذهبون إلى مدرسة تربيهم ولا يذهبون كما هى الحال إلى حلبة سباق للخيل تدمرهم إن لم يفوزوا بترتيب الحصان رقم واحد، مكتب تنسيق الجامعات المصرية، إن هو إلا مكتب لتوزيع المزايا والرتب الاجتماعية المتنافس عليها فى سباق خيول الثانوية العمياء، وهى مسابقة لا علاقة لها على الإطلاق بقضية التوجيه المهنى والتربوى، وهى الوظيفة المهجورة فى نظامنا التربوى، وحسب قاعدة (هذا ما ألفنا عليه آباءنا) استبدلنا التوجيه التربوى والمهنى بمسابقة كريهة فى قياس قدرة الببغاوات على الحفظ والتسميع واكتساب مهارات الغش والتدليس، ولمن لا يعلم فإن القدرة على الحفظ والتسميع التى نتباهى بها ونحتفل بها هى أقل القدرات البشرية فى الأهمية والترتيب بين قدرات البشر.. والتى يبلغ عددها فى آخر إحصاء لها (113 قدرة)، وبهذا ينتهى حصاد سنين التعليم قبل الجامعى إلى أرقام ومجاميع عشوائية لا تحمل خبراً «مفيداً» عن قدرات الطلاب، ولا معنى لها فى قياس وتوجيه القدرات البشرية، فخسرت مصر طاقات أبنائها والتى كنا نأمل ونريد لها أن تكون طاقة بناء، فإذا بها تتحول إلى طاقة هدم وصداع فى دماغ مصر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية