x

مي عزام حديث الثلاثاء.. ماما عزيزة مي عزام الإثنين 03-08-2015 22:25


جلست على الكنبة في حجرة الضيوف، حجرة فسيحة تطل على الشارع ولها باب خاص على سلم العمارة وآخر على الشقة،لم يعد لديها رغبة في البقاء في الشقة التي عاشت فيها 30 عاما،أختارت حجرة الضيوف لتمضى فيها أيامها الأخيرة في هذا المكان حتى تأتى أبنة أخيها من السفر وتصحبها إلى منزلها.

لم تصدق الأستاذ سيد المحامى وهو يقرأ لها وصية المرحوم، لم تعد قادرة ان تصفه بالمرحوم ولاتتمنى له الرحمة وهو الذي لم يرحم شيخوختها، عاشت معه 40 عاما على الحلو والمر، كانت له نعم الزوجة والرفيقة ولأبن أخيه نعم الأم، في السنة الأخيرة من عمره رعته في مرضه، اصيب بجلطة في المخ افقدته النطق وتركت لديه شلل خفيف في النصف اليمين من جسده، كانت تسقيه مع الدواء حبا وحنانا وتكون النهاية جزاء سنمار،

دمعة سالت على خدها مسحتها ببطن يدها، طاف في عقلها تساؤل حائر لماذا؟ لماذا اقدم على فعلته؟ وكيف وجد في نفسه الشجاعة ليحرمها شرع الله وهو الذي كان متدينا بطبعه ،حريصا على اداء العمرة كل عام ولم يتخلى عن هذه العادة إلا في سنة مرضه الأخيرة.

«يارب ليس لى من دونك كاشف لهذه الغمة، يارب ادعوك ان لا تذلنى في آخر ايامى وأرحم ضعفى وقلة حيلتى»نظرت للحقيبتين الكبيرتين والصناديق الكرتون المغلقة التي كانت تحتوى على باقى متعلقاتها الشخصية ،ابتسمت بحزن وقالت لنفسها :«ده اللى خرجتى به من الدنيا ياعزيزة، معلش ربنا موجود وشاهد وعالم». وـنا كمان شاهد ياماما عزيزة، شاهد على انك كنتِ لى أحن أم وأعظم مربية، رفعت رأسها، كان «جميل» يقف على بعد خطوات منها، شهقت من المفاجأة وأسرعت إليه وضمته إلى صدرها وقالت :«بسم الله الرحمن الرحيم ،أنت رجعت ياقلبى،أنا كنت خلاص فقدت الأمل»،ابتسم وقال: هل كان قلبك سيطاوعك يا أمى ان ترحلى دون أن تنتظرى عودتى ،أنا مقدر شكك، ولكنى لم أرد على خطاباتك لأنى كنت بين الحياة والموت، في غيبوبة في المستشفى بعد حادث سيارة تعرضت له ،إرادة الله أنقذتنى ،لأعود إليك واكون بجانبك، بعدما افقت من الغيبوبة وعرفت بما حدث لم يسمحوا لى بالسفر أو الحديث لمدة طويلة ،وكنت كلما فكرت فيما فعله «بابا حسين» وهو الزوج المحب والأب العطوف، أزددت يقينا أنه فعلها من أجل هذه اللحظة، كان يريد عودتى، كان يخاف عليكِ من الوحدة، راهن على، ياحبيبى يابابا، ثقته بى كانت أكبر من خوفه عليكِ وظنونك .

كانت تستمع لجميل وتفكر فيما يقوله ،معقول ...معقول ان يكون ذلك هو مادار بعقل «حسين»وهو ينقل كل مايملك بأسمه ويحرمها من ميراثها الشرعى، هل كان يريد لها ان تتمتع في أخر ايامها ليس فقط بما تركه لها من مال ولكن ايضا ان تحصد ما زرعته من حب في قلب «جميل»، أبن اخيه الذي تبناه الزوجان بعد الحادث الذي راح ضحيته والداه، هل يمكن ان يكون هذا هو ما فكر فيه «حسين»، ولكن الم يكن من الممكن ان يطمع «جميل»فى نصيبها ولايشاركها في شىء وخاصة ان العقود كلها قانونية ويظل في أمريكا.

وفجأة لمعت في ذهنها ذكرى وقالت :«انا افتكرت حاجة دلوقتى ياقلبى ،»حسين «كان حزين قوى بعد سفرك، كان نفسه ترجع، كان خايف تتجوز واحدة هناك وتنسانا، قبل مرضه الأخير قالى كلام افتكرته دلوقتى كان بيتكلم عنك وأنه في آخر مكالمة قبل مرضه طلب منك الرجوع ولكنك رفضت وقلتله انك عايز تبنى مستقبلك بنفسك، لم يكن يريد أن يضغط عليك، في الآخر هوعمك مش ابوك، لكن ربنا يعلم هوكان بيحبك حب الأب لابنه،وقال: أناعارف أنت بتحبيه قد ايه ياعزيزة ده ابنك الوحيد، ربنا يقدرنى وارجعه لحضنك ...اوعى تفتكرى يوم انى حبيته أكثر منك ....هو صحيح ابنى لكن أنتى توأم روحى».

بكى «جميل» وهو يستمع لأمه وقال بحزن :ياحبيبى يابابا ...قصرت كتير معاك ...لكن عزائى أننى سأفعل ما كنت تتمناه «.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية