x

مي عزام حديث الثلاثاء ...قطرة الفيض مي عزام الإثنين 27-07-2015 22:55


لم يصدق أحد حديثها، لم يتصور أحد انها جادة فيما تطلبه، وهل يمكن لعاقل ان يتصور ان تورتة يمكن أن تكون سبب طلاق. صحيح ان الطلاق في مصر موضة تنتشر بسرعة الصاروخ لكن لم يسمع أحد من قبل عن زوجة طلبت الطلاق لأن زوجها لم يحضرلها تورتة في عيد ميلادها.

كانت الظلمة تزحف ببطء على الحجرة المطلة على الشرفة بالدور الأرضى ...لم يكن احد من الجالسين لدية الرغبة في التحرك من مكانه والوصول إلى مفتاح الكهرباء ليضىء الغرفة. المرأتان كانتا منهكتان ...حديث طويل دار بينهما، البداية كانت هادئة ثم ارتفعت الأصوات وبدا الأمر وكأن الجدل سيتحول إلى شجار، ولكن جاء الصمت ليحل محل المشاحنة ...صمت غريب وكأنه كرة من المطاط تفركها السيدة الشابة بين يديها لتخفف من توترها.

غرقت الغرفة في ظلام تام ...لحظات وبدأ الضوء يتسلل إليها من الحديقة ...التي أضيئت مصابيحها ....وكأنها كانت إشارة البداية لمواصلة الحديث.

بدأته السيدة المسنة بلهجة متوترة :أين عقلك؟!، أنه اختيارك، لقد دفعتينا دفعا لقبوله والآن تقولين انك ستطلقيه وبينكما طفلين، لا هذه المرة الأمر ليس ببساطة المرة السابقة.
ردت السيدة الشابة بهدوء :ولما لا؟

* وجود «زين» و«هنا»، جدهما لن يسمح ان يأتى اليوم الذي يحرم من رؤيتهما، ولو تم طلاقك من طارق يمكن ان يطلب حضانة «زين»يوما ما.
اطمئنى لن يفعل .-

*ما الذي يجعلك تتأكدين من ذلك ؟
- ببساطة ... لأنه لايحتمل المسئولية، يحب الانطلاق بلاقيود كالعصفور، الذي يبحث عن حبة قمح تقيه الجوع ،يعود بعدها لعشه لايحب ان يقلق نفسه بأفراخه وطعامها.
لقد قلنا ذلك من أول لحظة، انه شخص لايتحمل المسئولية ولكنك دافعتى عنه، وكنتى راضية به، فماذا تغير؟ *
- قدرتى على التحمل نفدت ....لم اعد استطيع ان اتحمل حديثه الذي يفيض بالعطاء والأمانى وافعاله الفقيرة إلى حد العدم ،مابين أقواله وافعاله عشت عذاباتى وتعاستى، ألم تسمعى الست وهى تغنى «للصبر حدود»،حتى مشاعرى تجاهه أصبحت عبء أريد التخلص منه حتى لاتنفجر بداخلى وتبعثرنى لأشلاء صغيرة تضيع منى.

*وماذا سنقول للناس؟ ابنتنا مجنونة؟ من كانت تراه شخصا رائعا لم يكن سوى ظل حيطة؟
-لاتشعلى بالك بالناس، هموم كل واحد تكفيه وتشغله، سيتكلمون كثيرا ولكن سرعان ما ينسوا الأمر برمته ...

*الاتندمين على فشلك؟
- لا اراه فشل، بل محاولة للوصول للسعادة ..الجميع يحلمون بالحب، وانا عشته سنوات، حتى لوكان حلما استيقظت منه على واقع مخالف، غيرى لم يعيش هذا الاحساس، فأنا محظوظة .

*أخاف عليك، ليس لك أخ ولا أخت وحيدة بلا سند، ستعولى وحدك طفلين، الشيخوخة بضعفها تحاصرنا، والدك وأنا، ولم يعد لدينا ما نهبه لك سوى النصح .
- ربنا يحفظك أنت ووالدى لا اريد منكما إلا الرضا عنى والدعاء لى وانا كفيلة بالباقى.
نور ،ياحبيبتى، مازلت لا أصدق انك حسمتى أمرك وتريدين الطلاق لأن طارق لم يحضر لك تورتة في عيد ميلادك ؟*
- أنها القشة التي قسمت ظهر البعير ...النقطة الصغيرة التي فاض بعدها الغدير، قطرة الماء التي ثقبت الحجر الذي ظل يقاوم شلال المياه لسنوات ،أنها نهاية النهايات ...لم يعد هناك عذرا يمكن أن أبرر به عدم رعايته لى وتجاهله لسعادتى ونفض يده من أي مسئولية .

* واين ذهب حبك له ودفاعك عنه؟
-الحب منحة ربانية ورعايته إرادة إنسانية، الذكريات ستظل تطاردنى ،وبعد حين ستصفى الذكريات من الشوائب ليبقى الحنين، سيصبح حبى كالوردة المجففة....محتفظة بهيئتها ولكن بلاروح .

أخاف عليك من الوحدة *
- لاتخافى يا أمى ،تعودت عليها فلقد عشتها طويلا وهو يقاسمنى الفراش.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية