x

مراد وهبة السلام برؤية اليهود المتزمتين (49) مراد وهبة الأحد 26-07-2015 21:12


يرى اليهود المتزمتون أنهم جزء من حركة السلام مع أنهم فى علاقة عضوية مع الأصوليين الإسرائيليين الذين من خلالهم نشأت حركة المستوطنات بقيادة الحزب اليهودى الأصولى جوش أمونيم. ومن هنا تكَون لدى العقل العام الإسرائيلى أن ثمة تداخلاً بين المتزمتين وبالذات الجناح الصهيونى وبين الجناح السياسى اليمينى. وكان ثمة مبرر لدى ذلك العقل العام. فالمتزمتون يؤيدون استيلاء إسرائيل على الأرض المقدسة برمتها، وحجتهم الدينية الحرفية أن الله قد وعد بمنح هذه الأرض للإسرائيليين، وهؤلاء بالتالى ملزمون بعدم خيانة إرادة الله. وبناء عليه أيدت غالبية الحاخامات المتزمتة التوسع فى بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة. واللافت للانتباه هاهنا أن اليهود الذين يقال عنهم إنهم تقدميون قد أيدوا حركة السلام الآن، ومن ثم انحازوا إلى مسار السلام إلى حد كراهية اليهود المتزمتين بدعوى انتمائهم إلى اليمين المتطرف، وإلى حد الاعتقاد بأن هؤلاء المتزمتين فى إمكانهم الابتعاد عن الحزب اليهودى الأصولى جوش أمونيم. ومع ذلك فإن كل ذلك كان يستلزم الإتيان بحجج دينية لإقناعهم، الأمر الذى من شأنه الدخول فى تناقض مع حركة السلام الآن لأنها حركة علمانية، ومن ثم فليس فى إمكانها التحدث بلغة دينية، ومن هنا تركت الحركة مهمة الإقناع لليهود المتزمتين.

ومع غزو إسرائيل للبنان فى عام 1982 انضمت إلى حركة السلام الآن جماعات عديدة تدعو للسلام، ودار كل هؤلاء بعد ذلك حول هدفين: معارضة سياسية ضد توسيع المستوطنات فى الضفة الغربية، ودفع الجماهير نحو الضغوط على الحكومة لكى تنسحب من لبنان.

وفى 27 نوفمبر 1982 قامت ثلاث مظاهرات من أجل السلام، وفى 14 يناير 1983 اقتحم آلاف من حركة السلام الآن جنوب بيت لحم بسبب أن مستوطنة جديدة كانت فى طريقها إلى الاكتمال. وكان شعار المتظاهرين «لا تسدوا طريق السلام».

وفى نهاية نوفمبر من ذلك العام كان من الواضح أن إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً. فقد اتحدت الميليشيات اللبنانية المتنازعة ضد إسرائيل، بما فيها الشيعة فى الجنوب، مع أن إسرائيل كانت قد حررتهم من المهاجمين الفلسطينيين. ومن هنا تأسس حزب الله وبدأ فى الهجوم على الجيش الإسرائيلى، كما بدأ التمرد العسكرى من الجنود الإسرائيليين الاحتياط. ومع ذلك رفضت حكومة الليكود تقديم الاستقالة، إذ نجحت فى إبرام معاهدة سلام مع الرئيس أمين الجميل بعد اغتيال أخيه رئيس الجمهورية المنتخب بشير الجميل. إلا أن المعاهدة بعد ذلك ألغيت بضغوط من سوريا.

واللافت للانتباه هاهنا أن حركة السلام الآن لم يكن لديها حتى ذلك التاريخ بنية متماسكة ودائمة. فأعضاؤها متطوعون، والتمويل من المتعاطفين من أمريكا وأوروبا ولكنه مكرس للدعاية ليس إلا.

وفى أغسطس 1983 استقال رئيس الوزراء بيجين وحل محله إسحاق شامير فى 10 أكتوبر من ذلك العام، وكان حينها وزيراً للخارجية. وكانت أمام شامير مهمة محددة وهى مجاوزة الأزمة الاقتصادية، إلا أنه كان عاجزاً عن مجاوزتها فانهارت حكومته فى مارس 1984.

وفى الخريف من ذلك العام تم اكتشاف تنظيم يهودى إرهابى فتوارت مشكلة لبنان وعاد الانتباه إلى الأراضى المحتلة، وكان أعضاء ذلك التنظيم من جوش أمونيم لمحاربة الحركة الفلسطينية الصاعدة فزرعوا قنابل فى الحافلات العربية وفى المساجد، ولكنهم حوكموا وسجنوا. وعندئذ انقسم المجتمع الإسرائيلى انقساماً حاداً. ومن ثم أصبح الاتجاه واضحاً نحو إجراء انتخابات الكنيست. وهنا كانت المفاجأة: انتخاب مائير كاهان عضواً فى الكنيست.

والسؤال إذن:

مَنْ هو كاهان؟ وما مدى تأثيره؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية