x

نيوتن أحمد عكاشة نيوتن الأربعاء 22-07-2015 21:22


ظاهرة بلا شك قد تتفق معها أو تختلف. ولكن هناك أمراً يصعب عليك. هو ألا تستمع إليه وهو يتحدث. البعض يتحفظ على تحليلاته لحالة المجتمع النفسية. هو من أكثر القادرين على تشخيصها والوقوف على أبعادها سلباً وإيجاباً. هو عالم تجد آراؤه صدى واسعاً وتخلق أفكاره حالة تدفع لمراجعة الذات.

خاطب نيوتن بما يلى:

عزيزى نيوتن..

هذه خواطر كل منها يصلح لعدة مقالات يقوم بها شرفاء المهنة لإيضاح بعض السلبيات فى الوطن.

تلعب الحرب النفسية الدور الأساسى فى الحروب منذ بدء الخلق، والغرض منها خلق الرعب، والخوف وعدم الثقة فى النفس، وترويع الطرف الآخر ببث الإشاعات والأكاذيب والمبالغة فى الانتصارات، ولنا فى ذلك أمثلة على مر التاريخ كحروب الهكسوس والتتار والحربين العالميتين الأولى والثانية، وقد سبق أن قال جوبلز، وزير الإعلام لهتلر: «أعطنى إعلاماً دون ضمير، أُعْطِكَ شعباً دون وعى»، وفى هذا الوقت كان الإعلام مقصوراً فقط على الراديو والصحافة وليس كالآن مفعم بالثورة الإلكترونية، للأسف، لقد نجحت داعش والجماعات الإرهابية فى الحرب النفسية بما تقوم بنشره وترويجه فى البلاد الغربية وتبثه فى محطات التليفزيون الأجنبية وبعض المحطات العربية، ونحن فى شبه سبات عميق، بل إن كثيرا من الإعلام، وبدون وعى، يعزز تلك الحرب النفسية على المواطن المصرى كما يتضح فى الآتى:

1- شاهدت على تليفزيونات العالم والمواقع الإلكترونية حادث غرق الزورق المصرى وبث إشاعة قتل كل مَن كان بداخله، وبعد مدة من انتشار الخبر، أعلنت القوات المسلحة أنه لم تحدث أى وفاة، وكما نعلم أن- نفسياً- الخبر والانطباع الأول هو الذى يبقى وما يتبعه عادة لا يكون مصدقاً، وكانت الجماعة الإرهابية من المهارة بأن قامت على الفور بإرسال الصور لكل المواقع. هذه هى الحرب النفسية، ولذا أدعو الإخوة فى الإعلام المصرى للإسراع فى بث الحقيقة، وأن تكون من مصادر رسمية، وتكون متاحة بصفة دائمة على مدار الـ 24 ساعة، لأن التأثير النفسى من الانطباع الأول يولد الإحباط.

2- نادرا ما يظهر القضاة والمستشارون فى البلاد الغربية، بل أيضا العربية، فى أجهزة الإعلام، لأن الانفلات الإعلامى أدى إلى تشويه صورة القضاء الأعلى، ولذا أهيب بمجلس القضاء الأعلى أن يرشح عددا من المتحدثين الإعلاميين، لكى يجعل المواطن يفهم ما يصدر أو سيصدر من أحكام أو قرارات، حتى لا يحتوى الإعلام على هذه الهوجة الفضائية، فالقاضى بشر ويجب أن يكون بعيدا فى قراره عن الرأى العام، ولا ننسى أن المحكمين فى محاكم الولايات المتحدة يُعزلون فى فندق حتى يتم اتخاذ قرارهم بالإدانة أو البراءة دون أدنى تأثير من الرأى العام أو حتى من جانب أسرهم.

3- إذا تابعنا فى السنوات الأخيرة ما يُكتب فى الجرائد ويُقال فى الفضائيات فسنجد أن المصريين أصبحوا فريسة لأخبار الجماعات الإرهابية ليلا ونهاراً، وأن أخبارهم وجرائمهم تتصدر المانشيتات الرئيسية لمعظم الجرائد والبرامج الفضائية، وهذا بالطبع هو المراد من جانبهم لتعزيز أهميتهم وإثبات وجودهم وأنهم الجزء المنافس، وذلك عكس الحقيقة تماماً فى كونهم مجرد مجموعة من الأقلية الضالة، أهيب بالإخوة الإعلاميين أن يتم نشر أخبار تلك الجماعات الإرهابية فى الصفحات الأخيرة ودون تفاصيل، فهل رأيتم فى أى جريدة فى العالم أنه يتم نشر كل ما يحدث داخل المحاكمات؟!!!! ولكن وجدنا فى الجرائد المصرية أخبار الجماعات الإرهابية تتصدر الصفحات الأولى وبالبنط العريض، دعنا نقضِ على الحرب النفسية التى تقوم بها هذه الجماعات الإرهابية بأن نقوم بنشر أخبارهم ونتيجة المحاكمات فى الصفحات الأخيرة كخبر عابر، ويا حبذا إن كان الإعلام سواء المقروء أو المسموع ينشر الخبر دون الخوض فى التفاصيل مثلاً بأن المحكمة حكمت بالأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم فلان، أو أنه تم إعدام المتهم فلان شنقاً، أمس، بعد حكم المحكمة عليه، هنا ننتصر فى حربنا النفسية. إن الفائدة من تسليط الضوء على أخبار هؤلاء المجرمين فى الصفحات الأولى، وباستفاضة، تعود على تلك الجماعات الإرهابية، أما فيما يخص المواطن فتعود عليه بالإحباط، بل أحيانا بالتعاطف، لأن كثرة الهجوم والمنبهات الإعلامية قد تأتى نفسياً بعكس المراد.

4- قرأت أن شرطة نيويورك يبلغ عددها ثلاثة وثلاثين ألف شرطى، وأنهم يطالبون بزيادة 4 آلاف شرطى، وعدد سكانها حوالى 8 ملايين، فما بالك بـ 90 مليونا، وحتى إن كان العدد فى مصر مليون شرطى، فألاهم هو التدريب واستخدام الأجهزة الحديثة والميكنة العلمية، حتى نحقق ما نسمعه عن الشرطة فى البلاد الغربية، التى تستطيع الوصول إلى الجانى خلال ساعات أو أيام أو على أقصى تقدير خلال أسابيع، وذلك باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

لقد تكلمت مع بعض الشرفاء من الكُتّاب، ووافقوا على البدء فى حملة لمقاومة الحرب النفسية للجماعات الإرهابية وداعش، لأننى أفضل أن يكتبها المحترفون والمتخصصون.

إن الحرب النفسية التى تُشَنّ على مصر من جانب الكثير من الأطراف يجب مقاومتها بالمبادرة بخطط استباقية بدلاً من رد الفعل، ولا مانع من طلب المساعدة من الدول التى مرت بمثل ظروفنا من الإرهاب، حيث إن الخبرة والكفاءة والتجربة تحتم علينا الاستعانة بمَن يعلم.

دعنا نهتم بما يعزز الحالة النفسية للمواطن المصرى بالتركيز على الحرب الموجودة حالياً فى مصر بأن تتصدر أخبار الانتصارات التى نحققها ضد داعش والجماعات الإرهابية، والإصلاح والبناء فى مصر، الصفحات الأولى من الجرائد والبرامج المرئية والمسموعة وشبكة التواصل الاجتماعى.

أ. د. أحمد عكاشة

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية